وقوله تعالى :﴿عُصْبَةٌ منكم﴾ أي : جماعة من جلدتكم، والعصبة : من العشرة إلى الأربعين، وكذا العصابة، يقال : اعصوصبَوا : اجتمعوا. وهم عبد الله بن أُبّي رأس المنافقين، وزيد بن رفاعة، ومسطح بن أثاثة، وحمنة بنت جحش، ومن ساعدهم. واختلف في حساب بن ثابت، فمن قال : كان منهم، أنشد البيت المروي في شأنهم ممن جلدوا الحد :
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥٥
لَقَدْ ذَاقَ حَسَّانُ الذي هُو أَهْلُهُ
وَحِمْنَةُ ؛ إذ قالا هجَيْراً، وِمسْطَحُ
ومن برَّأ حَسان من الإفك قال : إنما الرواية في البيت :(لقد ذاق عبد الله ما كان أهله)، والمشهور أن النبي ﷺ لم يحد عبد الله بن أُبّي، حين حدّ الرامين لعائشة، تأليفاً له ؛ قال البرماوي في حاشيته علىالبخاري في فوائد حديث الإفك : وفيه ترك الحد لما يخشى من تفريق الكلمة، كما ترك عليه الصلاة والسلام حدّ ابن سلول. هـ. وقد رَوى ابن عبد البر أن عائشة برأت حسان من الفرية، وقد أنكر حسانُ أن يكون قال فيها شيئاً في أبياته، التي من جملتها :
حَصَانُ رَزَانٌ ما تُزَنُّ بِرِيبَةٍ
وتُصْبحُ غَرْثَى من لُحُوم الْغَوافِلِ
إلى أن قال :
فَإنْ كان ما بُلِّغْتَ عَنِّي قُلْتُه
فَلاَ رَفَعَتْ سَوْطِي إليَّ أَنامِلي
ويجمع بين قوله هنا ذلك، وبين قولها له عند قوله : وتُصْبِحُ غَرْثَى من لُحُوم الْغَوافِلِ :" لكنك لست كذلك " ؛ بأنه لم يقل نصاً وتصريحاً، ولكن عرّض وأومأ، فنُسب ذلك إليه. والله أعلم أيُّ ذلك كان.