ثم قال تعالى :﴿لا تحسَبُوه شَرَّا لكم﴾، والخطاب للرسول - عليه الصلاة والسلام -، وأبي بكر، وعائشة، وصفوان ؛ تسلية لهم من أول الأمر، ﴿بل هو خيرٌ لكم﴾ ؛ لاكتسابكم به الثواب العظيم، وظهور كرامتكم على الله عز وجل ؛ بإنزال القرآن الذي يُتلى إلى يوم الدين في نزاهة ساحتكم وتعظيم شأنكم، وتشديد الوعيد فيمن تكلم فيكم، والثناء على من ظن خيراً بكم، مع ما فيه من صدق الرُّجْعَى إلى الله، والافتقار إليه، والإياس مما سواه.
ثم ذكر وبال من وقع فيها بقوله :﴿لكل امرىءٍ منهم﴾ أي : من أولئك العصبة ﴿ما اكتسبَ من الإثم﴾ أي : له من الجزاء بقدر ما خاض فيه، وكان بعضهم ضحك، وبعضهم تكلم، وبعضهم سكت. ﴿والذي تولى كِبْرَهُ﴾ أي : معظمه وجُله ﴿منهم﴾ أي : من
٥٦
العصبة، وهو عبد الله بن أُبَيّ ﴿له عذابٌ عظيم﴾ في الآخرة، إن كان كافراً، كابن أُبّي، وفي الدنيا إن كان مؤمناً، وهو الحد وإبطال شهادتهم وتكذيبهم. وقد رُوي أن مسطح كُف بصره، وكذلك حسان، إن ثبت عنه الخوض فيه، والله تعالى أعلم.
الإشارة : كلام الناس في أهل الخصوصية مَقَاذِفُ لسير سفينتهم، ورياح لها، فكلما قوي كلام الناس في الولي قَوِيَ سَيْرُهُ إلى حضرة ربه، حتى تمنى بعضهم أن يكون غابة والناس فيه حَطاَّبَة. وفي الحِكَم :" إنما أجرى الأذى عليهم كي لا تكون ساكناً إليهم، أراد أن يُزْعِجَكَ عن كل شيء حتى لا يَشْغَلَكَ عنه شيء ".
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥٥


الصفحة التالية
Icon