﴿إذْ تلقَّوْنه﴾ أي : لمسكم العذاب العظيم وقت تلقيه إياكم من المخترعين له، يقال : تلقى القول، وتلقنه، وتلقفه، بمعنى واحد، غير أن التلفق : فيه معنى الخطف والأخذ بسرعة، أي : إذ تأخذونه ﴿بألسنتكم﴾ ؛ بأن يقول بعضُكم لبعض : هل بلغك حديث عائشة، حتى شاع فيما بينكم وانتشر، فلم يبق بيت ولا نادٍ إلا طارفيه. ﴿وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علمٌ﴾ أي : قولاً لا حقيقة له، وقيّده بالأفواه، مع أن الكلام لا يكون إلا بالفم ؛ لأن الشيء المعلوم يكون في القلب، ثم يترجم عنه اللسان، وهذا الإفك ليس إلا قولاً يدور فيه الأفواه، من غير ترجمة عن علم به في القلب. ﴿وتحسبونه هيِّناً﴾ أي : وتظنون أن خوضكم في عائشة سَهْلٌ لا تبعة فيه، ﴿وهو عند الله عظيم﴾ أي : والحال أنه عند الله كبير، لا يُقادر قدره في استجلاب العذاب. جزع بعض الصالحين عند الموت، فقيل له في ذلك، فقال : أخاف ذنباً لم يكن مني على بال، وهو عند الله عظيم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥٨