على كَمَالِ عِظَمِ الجريمة، ﴿وأنَّ الله رؤوف رحيم﴾ عطف على (فضل الله)، أي : لولا فضله ورأفته لعاَجلكم بالعقوبة، وإظهار إسم الجليل ؛ لتربية المهابة، والإشعار باستتباع صفة الأولوهية للرأفة والرحمة، وتصديره بحرف التأكيد ؛ لأن المراد بيان اتصافه تعالى في ذاته بالرأفة، التي هي كمال الرحمة، وبالرحيمية التي هي المبالغة فيها على الدوام والاستمرار. والله تعالى أعلم.
الإشارة : من شأن أهل الُبعد والإنكار : أنهم إذا سمعوا بحدوث نقص أو عيب في أهل النِّسْبَةِ وأهل الخصوصية فرحوا، وأحبوا أن تشيع الفاحشة فيهم ؛ قصداً لغض مرتبتهم ؛ حسداً وعناداً، لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة، ولولا فضل الله ورحمته لعاجلهم بالعقوبة. والله تعالى أعلم وأحلم.
ولما نزلت براءة عائشة - رضي الله عنها - حلف أبوها لا ينفق على مسطح شيئاً ؛ غضباً لعائشة، وكان يُنفق عليه ؛ لقرابته.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٦٠
يقول الحق جل جلاله :﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خُطواتِ الشيطان﴾ أي : لا تسلكوا مسالكه في كل ما تأتون وتذرون من الأفاعيل، والتي من جملتها : منع الإحسان إلى من أساء إليكم ؛ غضباً وحَمِيَّةً، ﴿ومن يتبع خُطُوات الشيطان﴾، وضع الظاهر موضع المضمر، حيث لم يقل : ومن يتبعها، أو : ومن يتبع خطواته ؛ لزيادة التقرير والمبالغة في التنفير، ﴿فإنه﴾ أي : الشيطان ﴿يأمرُ بالفحشاء﴾ ؛ كالبخل والشح، وكل ما عَظُمَ قُبْحُهُ، ﴿والمنكر﴾ ؛ كالغضب، والحمية، وكل ما ينكره الشرع ؛ لأن شأن الشيطان أن يأمر بهما. فمن اتبع خطواته فقد امتثل أمره.


الصفحة التالية
Icon