وفي رواية : أنه دعا الشياطين، فبنوا له صرحاً من قوارير، ليس له باب، فقام يُصلي، واتكأ على عصاه، فدخل عليه ملك الموت فقبض روحه. والله تعالى أعلم أيّ ذلك كان. وبقي سليمان ميتاً، وهو قائم على عصاه سنة، حتى أكلت الأَرَضةَ عصاه. ولم يعلموا منذ كم مات، فوضعوا الأرضة على العصا، فأكلت منها يوماً وليلة، ثم حسبوا على ذلك النحو، فوجدوه قد مات منذ سنة. سبحان الحي الذي لا يموت، ولا ينقضي ملكه.
٧٢
الإشارة : كل دولة في الدنيا تحول، وكل عز فيها عن قريب يزول، فالعاقل مَن صرف دولته في طاعة مولاه، وبذل جهده في محبته ورضاه، فإن كانت قسمته في الأغنياء كان من الشاكرين، وإن كانت في الفقراء كان من الصابرين، والفقير الصابر أحظى من الغني الشاكر، ولذلك ورد أن سليمان عليه السلام آخر مَن يدخل الجنة من الأنبياء ـ عليهم الصلاة والسلام ـ وعبد الرحمن بن عوف آخر مَن يدخلها من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين. والغني الشاكر هو الذي يُعطي ولا يُبالي، ويتواضع للكبير والصغير، والوجيه والحقير، والفقير الصابر هو الذي يغتبط بفقره، ويكتمه عن غيره. وبالله التوفيق.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٧١
قلت :﴿لسبأ﴾ فيه الصرف، بتأويل الحي، وعدمه، بتأويل القبيلة. و ﴿مسكنهم﴾، مَن قرأ بالإفراد وفتح الكاف على القياس في الاسم والمصدر، كمدخَل، ومَن كسره فلغة، والسماع في المصدر كمسجِد. و ﴿جنتان﴾ بدل من ﴿آية﴾ أو : خبر عن مضمر، أي : هي جنتان. و ﴿أُكل خَمْطٍ﴾، فمَن أضافه فإضافة الشيء إلى جنسه، كثوب خز، ومَن نوّنه قطعه عن الإضافة، وجعله عطف بيان. أو صفة، بتأويل خمطٍ ببشيع.


الصفحة التالية
Icon