وولد مازن بن الأسد هم غسان، سموا بماء اليمن، شربوا منه. ويقال : غسان : ماء بالشمال شربوا منه، نُسبوا إليه. قال حسان :
أما سألت فإنا معشرٌ نجبٌ
الأسْدُ نسبتُنا والماء غسان
﴿إنَّ في ذلك لآيَاتٍ لكل صبَّارٍ﴾ عن المعاصي ﴿شكورٍ﴾ للنعم، أو : لكل مؤمن ؛ لأن الإيمان نصفان ؛ نصفه صبر، ونصفه شكر.
الإشارة : وجعلنا بين السائرين وبين منازل الحضرة المقدسة منازلَ ظاهرة، ينزلوها، ويرحلون عنها، آمنين من الرجوع، إن صَدَقوا في الطلب، وهي منازل كثيرة، وأهمها اثنا عشر مقاماً : التوبة، والخوف، والرجاء، والزهد، والصبر، والشكر، والتوكُّل، والرضا، والتسليم، والمراقبة، والمشاهدة. ومنازل الحضرة هي الفناء، والبقاء، وبقاء البقاء، والترقِّي في معاريج الأسرار والكشوفات، أبداً سرمداً. يقال للسائرين : سيروا فيها، وأقيموا في كل منزل منها، ليالي وأياماً، حتى يتحقق به نازله، ثم يرحل عنه إلى ما بعده. ثم إن قوماً سئموا من السير وادَّعوا القوة، فقالوا : ربَّنا باعد بين أسفارنا حتى يظهر عزمنا وقوتنا، وظلموا أنفسهم بذلك، ففرقناهم عنا كل تفريق، وعوّقناهم عن السير كل تعويق، ليكون ذلك آية وعبرة لمَن بعدهم، فلا يخرجون عن مقام الاستضعاف والمسكنة، والانكسار والذلة، " أنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي ".
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٧٦