يقول الحق جلّ جلاله :﴿وقد صدق عليهم إبليسُ ظَنَّه﴾ الضمير في " عليهم " لكفار سبأ وغيرهم. وكأن إبليسَ أضمر في نفسه حين أقسم :﴿لأَغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [ص : ٨٢] أنه يسلط عليهم، وظن أنه يتمكن منهم، فلما أغواهم وكفروا صدق ظنه فيهم. فمَن قرأ بالتخفيف فـ " ظنه " : ظرف، أي : صَدق في ظنه. ومَن قرأ بالتشديد فظنه مفعول به، أي : وجد ظنه صادقاً عليهم حين كفروا ﴿فاتَّبَعوه﴾ أي : أهل سبأ ومَن دان دينهم، ﴿إِلا فريقاً من المؤمنين﴾ قللهم بالإضافة إلى الكفار، قال تعالى :﴿وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾ [الأعراف : ١٧] وفي الحديث :" ما أنتم في أهل الشرك إلا كشعرة بيضاء في جلد ثور أسود ".
٧٨
﴿وما كان له عليهم من سلطانٍ﴾ أي : ما كان لإبليس على مَن صدق ظنه عليهم من تسلُّط واستيلاء بالوسوسة، ﴿إِلا لِنَعْلَم﴾ موجوداً ما علمناه معدوماً ﴿من يؤمنُ بالآخرةِ ممن هو منها في شكٍّ﴾ أي : إِلا ليتعلق علمنا بذلك تعلُّقاً تنجيزيًّا، يترتب عليه الجزاء، أو : ليتميز المؤمن من الشاك، أو : ليؤمن مَن قُدّر إيمانُه، ويشك من قُدر ضلالُه. ﴿وربك على كل شيءٍ حفيظٌ﴾ محافظ رقيب، وفعيل ومفاعل أخوان.


الصفحة التالية
Icon