ثم قال : وفي الحديث :" إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماء صلصلة، كجر السلسلة على الصفا، فيصعقون، حتى يأتيهم جبريل، فيفزع عن قلوبهم ـ أي : يكشف ـ ويخبرهم الخبر " ثم قال : وقيل المعنى : أنه لا يشفع أحد إلا بعد الإذن، ولا يشعر به إلا المقربون ؛ لِما غشي عليهم من هول ذلك اليوم، فإذا ذهب الفزع عن قلوبهم، قالوا : ماذا قال ربكم في الشفاعة ؟ قالوا الحق، أي : أذن فيها. هـ. ومثل هذا لابن عطية، وتبعه ابن جزي، قال : الضمير في " قلوبهم "، وفي " قالوا " للملائكة. فإن قيل : كيف ذلك، ولم يتقدم لهم ذكر ؟ فالجواب : أنه قد وقعت إليهم إشارة بقوله :﴿وَلا تنفع الشفاعة عنده إلا لمَن أذن له﴾ لأن بعض العرب كانوا يعبدون الملائكة، ويقولون : هؤلاء شفعاؤنا عند الله، فذكر الشفاعة يقتضي ذكر الشافعين، فعاد الضمير على الشفعاء، الذين دلَّ عليهم ذكر الشفاعة. هـ.
وقرأ يعقوب وابن عامر " فَزع " بفتح الفاء بالبناء للفاعل. والتضعيف للسلب والإزالة، أي : سلب الفزع وأزاله عن قلوبهم، مِثل قردت البعير : إذا أزلت قراده، ومَن بناه للمفعول فالجار نائب. ﴿وهو العليُّ الكبيرُ﴾ أي : المتعالي عن سمة الحدوث، وإدراك العقول، الكبير الشأن، فلا يقدر أحد على شفاعة بلا إذنه.
٨٠


الصفحة التالية
Icon