الإشارة : كل مَن آثر شيئاً أو أحبّه سوى الله، أو خافه، يقال له : ادعوا الذين زعمتم أنهم ينفعونكم أو يضرونكم، من دون الله، ﴿لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض...﴾ الآية. وأما محبة الأنبياء والأولياء والعلماء الأتقياء فهي محبة الله، لأنهم يُوصلون إليه، فلم يحبهم أحد إلا لأجل الله، فتنفع شفاعتهم بإذن الله. وقوله :﴿حتى إذا فُزع عن قلوبهم...﴾ الخ، قال الورتجبي : وصف سبحانه أهل الوجد، من الملائكة المقربين، وذلك من صولة الخطاب، فإذا سمعوا كلام الحق، من نفس العظمة، وقعوا في بحار هيبته وإجلاله، حتى فنوا تحت سلطان كبريائه، ولم يعرفوا معنى الخطاب في أول وارد السلطنة. فإذا فاقوا سألوا معنى الخطاب من جبريل عليه السلام، فهو من أهل الصحو والتمكين في المعرفة. هـ.
ثم تتم قوله :﴿لا يملكون مثقالَ ذرةٍ﴾ أي : لا من رزق ولا غيره.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٧٩
يقول الحق جلّ جلاله :﴿قلْ﴾ لهم :﴿من يرزقكم من السماوات والأرض﴾ أي : بأسباب سماوية وأرضية ؟ ﴿قل اللهُ﴾ وحده. أمره أن يقرّرهم، ثم أمره بأن يتولى الإجابة والإقرار عنهم، أي : يرزقكم الله لا غيره، وذلك للإشعار بأنهم مقرُّون به بقلوبهم، إلا أنهم ربما أبَوا أن يتكلموا به، لأنهم إن تفوّهوا بأن الله رازقهم لزمهم أن يقال لهم : فما لكم لا تعبدون مَن يرزقكم، وتؤثرون عليه مَن لا يقدر على شيء ؟


الصفحة التالية
Icon