الإشارة : ما أحببت شيئاً إلا وكنت له عبداً، ولا يُحب أن تكون لغيره عبداً، فإذا تحققت الحقائق، التحق كل عابد بمعبوده، وكل حبيب بمحبوبه، فيرتفع الحق بأهله، ويهوي الباطلُ بأهله. وكل ما سوى الله باطل، فارفع همتك أيها العبد عن هذه الدار وما فيها، وتعلق بالباقي، دون الفاني، ولا تتعلق بشيء سوى المتكبر المتعالي.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٨٩
قال القشيري : قوله تعالى :﴿فاليوم لا يملك بعضكم...﴾ الخ، الإشارة في هذا : أنَّ مَن علّقَ قلبه بالأغيار، وظنّ صلاحَ حاله في الاختيار، والاستعانة بالأمثال والأشكال، نزع اللهُ الرحمة من قلوبهم، وتركهم، وتشوش أحوالهم، فلا لهم من الأشكال والأمثال معونة، ولا لهم في عقولهم استبصار، ولا إلى الله رجوع، فإنْ رجعوا لا يرحمهم ولا يحبهم، ويقول : ذوقوا وبالَ ما به استوجبتم هذه العقوبة. هـ. قلت : قوله :" فإن رجعوا لا يرحمهم " يعني أنهم فزعوا أولاً إلى المخلوق، فلما لم ينجح مسعاهم، رجعوا إلى الله، فلم ينفعهم، ولو تابوا في المستقبل لقبل توبتهم. وقال أيضاً : ومن تشديد العقوبة الافتضاح في السؤال. وفي بعض الأخبار : أن عبيداً يسألهم الحق غداً، فيقع عليهم من الخجل ما يقولون : يا ربنا لو عذبتنا بما شئت من ألوان العقوبة، ولا تعذبنا بهذا السؤال. هـ. وبالله التوفيق.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٨٩
٩٠


الصفحة التالية
Icon