يقول الحق جلّ جلاله :﴿وإِذا تُتلى عليهم آياتنا﴾ أي : إذا قُرئت عليهم آيات القرآن، ﴿بيناتٍ﴾ واضحات، ﴿قالوا﴾ أي : المشركون ﴿ما هذا﴾ ؟ يعنون محمداً ﷺ ﴿إِلا رَجُل يُريد أن يَصُدَّكُم﴾ : يصرفكم ﴿عما كان يعبد آباؤُكم﴾ من الأصنام. ﴿وقالوا ما هذا﴾ أي : القرآن ﴿إِلا إِفْكٌ﴾ : كذب ﴿مُّفترىً﴾ بإضافته إلى الله تعالى. ﴿وقال الذين كفروا﴾ أي : وقالوا. والعدول عنه دليلٌ على إنكار عظيم، وغضب شديد، حيث سجّل عليهم بالكفر والجحد، ﴿للحقِّ لَمَّا جاءهم﴾ أي : للقرآن، أو لأمر النبوة كله، لما عجزوا عن معارضته، قالوا :﴿إِن هذا إِلا سحر مبين﴾ أي : ما هذا إلا سحر ظاهر سِحريتُه. وإنكارهم أولاً باعتبار معناه، وثانياً باعتبار لفظه وإعجازه، ولذلك سمُّوه سحراً.
قال تعالى :﴿وما آتيناهم من كُتُبٍ يَدْرُسُونها﴾ أي : ما أعطينا مشركي مكة كُتباً يدرسونها، فيها برهان على صحة الشكر. ﴿وما أرسلنا إِليهم قبلك من نذيرٍ﴾ أي : ولا أرسلنا إليهم نذيراً يُنذرهم بالعقاب إن لم يشركوا، ويدعوهم إليه، إذ لا وجه له، فمن أين وقع لهم هذه الشبهة ؟ وهذا في غاية التجهيل لهم، والتسفيه لرأيهم.


الصفحة التالية
Icon