﴿ثم تتفكروا﴾ في أمر محمد ﷺ، وما جاء به، حتى تعلموا أنه حق، أما الاثنان فيتفكران ويعرض كل واحد منهما محصول فكره على صاحبه، وينظران فيه نظر الصدق والإنصاف، حتى يؤديهما النظرُ الصحيح إلى الحق، وكذلك المفرد، يتفكر في نفسه ويعرض فكره على عقله. فإذا تفكرتم بالإنصاف عرفتم أن ﴿ما بصَاحِبِكم﴾ يعني محمداً ﷺ ﴿مِن جِنَّةٍ﴾ من جنون، وهذا كقوله :﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍ﴾ [الأعراف : ١٨٤]. ومنهم مَن يقف على " تتفكروا " ثم يستأنف النفي. قال القشيري : يقول : إذا سَوَّلَتْ لكم أنفسكم تكذيبَ الرسل، فأمعنوا النظرَ، هل تَرَوْنَ فيهم آثار ما رميتموهم به ـ هذا محمد ﷺ قُلْتُم ساحر، فأين آثار السحر في أحواله وأفعاله وأقواله ؟ قلتم : فأيّ قسم من أقسام الشعر كلامه ؟ قُلْتُم مجنون، فأيُّ جنون ظهر منه ؟ وإذا عجزتم فهلاَّ اعترفتم به أنه صادق ؟ !. هـ.
﴿إِن هو إِلا نذير لكم بين يَديْ عذابٍ شديدٍ﴾ أي : قُدَّام عذاب شديد، وهو عذاب الآخرة، وهو كقوله ﷺ :" بُعثتُ بين يَديِ الساعة ". الإشارة : فكرة الاعتبار تشد عروة الإيمان، وفكرة الاستبصار تشد عروة الإحسان،
٩٢


الصفحة التالية
Icon