يقول الحق جلّ جلاله :﴿قُلْ إِنَّ ربي يَقْذِفُ بالحق﴾ أي : بالوحي، فيرمي به على الباطل، من الكفر وشبهه، فيدمغه، أو : يرمي به إلى أقطار الآفاق، فيكون وعداً بإظهار الإسلام، أو : يلقيه وينزله إلى أنبيائه. والقذف : رمي السهم ونحوه بدفع واعتمادٍ، ويستعار لمطلق الإلقاء، ومنه :﴿وَقَذَفَ فِى قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ﴾ [الأحزاب : ٢٦]. تمّ وصف الرب بقوله :﴿علاّمُ الغيوب﴾ أي : هو علام الغيوب.
٩٣
﴿قل جاء الحقُّ﴾ أي : الإسلام : أو : القرآن، ﴿وما يُبْدِىءُ الباطلُ وما يُعيدُ﴾ أي : زال الباطل وهلك، لأن الإبداء والإعادة من صفات الحي، فعدمهما عين الهلاك، والمعنى : جاء الحق وهلك الباطل، كقوله :﴿جَآءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ﴾ [الإسراء : ٨١] قال الكواشي : المعنى : ذهب الباطل لمجيء الحق، فلم يبقَ له بقية حتى يبدىء شيئاً أو يعيده. ثم قال : وهذا مثلٌ، يقال : فلان لا يبدىء ولا يعيد، إذا كان لا يلتفت إليه ولا يعتمد عليه. وقال الهروي : الباطل : إبليس، ما يبدىء ولا يعيد : لا يخلق ولا يبعث، والله تعالى هو المبدىء المعيد، ومعناهما : الخالق الباعث. وقال في الصحاح : وفلان ما يبدىء وما يعيد، أي : ما يتكلم ببادية ولا عائدة، ومثله في القاموس.


الصفحة التالية
Icon