الإشارة : الحمدُ في القرآن وقع على أربعة أقسام : حمد مطلق، وهو الواقع على عظمة ذاته، من غير أن يكون في مقابلة شيء، وهو قوله :﴿قُلِ الْحَمْدُ للهِ وَسَلاَمٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى﴾ [النمل : ٥٩]، ﴿الْحَمْدُ للهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ [النحل : ٧٥] وحمدٌ وقع في مقابلة تنزيه ذاته عن النقائص، وهو قوله :﴿وَقُلِ الْحَمْدُ للهِ الَّذِى لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً...﴾ [الإسراء : ١١١] الآية. وحمدٌ وقع في مقابلة نعمة الإيجاد، وهو قوله :﴿الْحَمْدُ للهِ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ...﴾ [الأنعام : ١]، وحمدٌ وقع في مقابلة نعمة الإمداد الحسي، كقوله :﴿الحمد لله رب العالمين﴾، ﴿فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاواتِ وَرَبِّ الأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الجاثية : ٣٦]، فإن التربية تقتضي وصول ما يحتاج إليه المربّي، أو الإمداد المعنوي، وهو إمداد القلوب والأرواح بالهداية، وهو قوله :﴿الْحَمْدُ للهِ الَّذِى أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ﴾ [الكهف : ١] ﴿الْحَمْدُ للهِ الَّذِى هَدَانَا لِهَذَا...﴾ [الأعراف : ٤٣] فهذه أربعة : حمد مطلق، أو مقيد بشأن التنزيه، أو بنعمة الإيجاد، أو الإمداد، وما وقع هنا في إظهار تجلياته، من أرضه وسماواته، ولطائف ملائكته، فإن ذلك كله من نور جبروته.
وقوله تعالى :﴿يَزِيدُ في الخلق ما يشاء﴾ قال القشيري : يقال : هو الفهم عن الله، أو السخاء والجود، أو : الرضا بالتقدير، أو : علو الهمة، أو : التواضع في الشرف، أو : العفة في الفقر، أو : الظَرفُ ـ أي : الظرافة ـ في الشمائل، أو : أن يكون مُحَبباً في القلوب، أو : خفة الروح، أو : تحرُّر القلب عن رِقِّ الحرمان ـ أي بالوقوف مع الأكوان ـ أو : ألا يطْلُب لنفسه منزلةً في الدارين ـ أي : بأن يكون عبد الله حقيقة ـ. هـ. ملخصاً.
٩٩
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٩٨