وغايته : الوصول إلى معرفة الشهود والعيان. فإذا تعزّز القلب بالله لم يلتفت إلى شيء، ولم يفتقر إلى شيء، وكان حرًّا من كل شيء، عبداً لله في كل شيء. وقد يجتمع للعبد العزان معاً، إذا كان عارفاً بالله عاملاً، وقد ينفرد عز الظاهر في أهل الظاهر، وينفرد عز الباطن في بعض أهل الباطن، يتركهم تحت أستار الخمول، حتى يلقوه وهم عرائس الأولياء، ضنّ بهم الحق تعالى عن خلقه، فلم يُظهرهم لأحد، حتى قدموا عليه، وهم الأولياء الأخفياء الأتقياء، كما ورد مدحهم في الحديث. وكلا العزين لله، وبيد الله، فلا يُطلب واحد منهما إلا منه سبحانه.
قال القشيري : وقال في آية أخرى :﴿وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [المنافقون : ٨] فأثبت العزة لغيره، والجمع بينهما : أن عِزَّة الربوبية لله وَصْفاً، وعزَّة الرسول والمؤمنين لله فضْلاً، ومنه لطفاً، فإذاً العزة لله جميعاً. والكلم الطيب هو الذي يصدر عن عقيدة طيبة، وقلب طيب، لا كدر فيه ولا أغيار، وقيل : ما ليس فيه حظ للعبد، وقيل : ما يستخرج من العبد، وهو فيه مفقود، وقيل : ما ليس فيه حاجة، ولا يطلب عليه عوض، وقيل : ما يشهد بصحته الإذن والتوقيف. انظر القشيري.
ويؤخذ من قوله :﴿والعملُ الصالحُ يرفعه﴾ أن العمل إذا بقي بين عين العبد يلحظه، وينظر إليه، فهو علامة على عدم قبوله، إذ لو قُبل لرفع عن نظره، فلا عمل أرجى للقلوب من عمل يغيب عنك شهوده، ويختفي لديك وجوده. والذين يمكرون بالأولياء، المكرات
١٠٧
السيئات، لهم عذاب شديد، وهو البُعد من الله، ومكر أولئك هو يبور. وأما الأولياء فهم في حجاب مستور، من كل مكر وخداع وغرور.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٠٦


الصفحة التالية
Icon