ولَمَّا ذكر افتقارم إلى نعمة الإيجاد، ذكر افتقارهم إلى نعمة الإمداد، بقوله :﴿إِن يشأ يُذهبكم﴾ أي : إن يشأ يُفنيكم كلكم، ويردكم إلى العدم ؛ فإنَّ غناه بذاته، لا بكم، ﴿ويأتِ بخلقٍ جديدٍ﴾ يكون أطوع منكم، أو بعالَم آخر غير ما تعرفون. ﴿وما ذلك﴾ أي : الإفناء والإنشاء ﴿على الله بعزيز﴾ بممتنع. وعن ابن عباس : يخلق بعدكم مَن يعبده، لا يشرك به شيئاً. قال القشيري : فقر الخِلْقَة عام لكلِّ أحدٍ، في أول حال وجوده ؛ ليُبديه وينْشيه، وفي ثاني حال بقائه ؛ ليُديمَه ويُبقيَه. هـ. قلت : وإليه أشار في الحِكَم بقوله :" نعمتان ما خلا موجود عنهما، ولا بد لكل موجود منهما : نعمة الإيجاد، ونعمة الإمداد، أنعم أولاً بالإيجاد، وثانياً بتوالي الإمداد ".


الصفحة التالية
Icon