ثم قال تعالى :﴿وإِن تَدْعُ﴾ نفس ﴿مثقلةً﴾ بالذنب أحداً ﴿إِلى حِمْلِها﴾ أي : إلى حمل ثِقل ذنوبها، ليتحمل عنها بعض ذلك، ﴿لا يُحْمَل منه شيءٌ ولو كان﴾ المدعو، المفهوم من قوله :﴿وإِن تدع﴾، ﴿ذا قُربى﴾ ذا قرابة قريبة، كأب، وولد، وأخ. والفرق بين معنى قوله :﴿ولا تزر وازرة وزر أخرى﴾ وبين قوله :﴿إِن تدع مثقلة إلى حِمْلها لا يُحمل منه شيء﴾ أنَّ الأول دالّ على عدل الله في حكمه، وأنه لا يؤاخذ نفساً بغير ذنبها، والثاني : في بيان أنه لا غياث يومئذ لمَن استغاث، فمَن أثقلته ذنوبه ثم استغاث بأحد لم يُغثه، وهذا غاية الإنذار.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١١٣
ثم بيّن مَن ينتفع به بقوله :﴿إِنما تُنذِرُ الذين يخشون ربهم﴾ أي : إنما ينتفع بإنذارك مَن خشي ربه ﴿بالغيب﴾ أي : يخشون ربهم غائبين عنه، أو : يخشون عذابه غائباً عنهم، فهو حال، إما من الفاعل أو المفعول المحذوف. أو : يخشون ربهم في حال الغيب، حيث لا اطلاع للغير عليهم، فيتقون الله في السر، كما يتقون في العلانية. ﴿وأقاموا الصلاةَ﴾ أتقنوها في مواقيتها، ﴿ومَن تزكَّى﴾ أي : تطهّر بفعل الطاعات، وترك المنهيات، ﴿فإِنما يتزكَّى لنفسه﴾ إذ نفعه يعود لها، وهو اعتراض مؤكد لخشيتهم، وإقامتهم الصلاة ؛ لأنها من جملة التزكي. ﴿وإِلى الله المصيرُ﴾ المرجع، فيجازيهم على تزكيتهم، وهو وعد للمتزكِّين بالثواب.


الصفحة التالية
Icon