يقول الحق جلّ جلاله :﴿وإِن يُكذّبوك﴾ أي : قومك ﴿فقد كَذَّب الذين مِن قبلهم﴾ رسلهم، حال كونهم قد ﴿جاءتهم رُسُلُهم بالبينات﴾ بالمعجزات الواضحة، ﴿وبالزُّبر﴾ وبالصحف ﴿وبالكتاب المنير﴾ أي : التوراة، والإنجيل، والزبور. ولَمَّا كانت هذه الأشياء من جنسهم، أسند المجيء بها إليهمْ إسناداً مطلقاً، وإن كان بعضُها في جميعهم، وهي البينات، وبعضها في بعضهم، وهي الزُبُر والكتاب. ويجوز أن يراد بالزُبر والكتاب واحد، والعطف لتغاير الوصفين، فكونها زُبُر باعتبار ما فيها من المواعظ التي تزبر القلوب، وكونها كتباً منيرة ؛ لِمَا فيها من الأحكام والبراهين النيِّرة. ﴿ثم أخذتُ الذين كفروا﴾ أي : ثم عاقبتُ الكفرة بأنواع العقاب، ﴿فكيف كان نكير﴾ إنكاري عليهم، وتعذيبي لهم ؟ والاستفهام للتهويل.
الإشارة : تكذيب الصادقين سُنَّة ماضية. فأولياء كل زمان يتسلُّون بمَن سلف قبلهم، فقد قُتل بعضهم، وسُجن بعضهم، وأُجلي بعضهم، إلى غير ذلك ؛ زيادة في مقامهم وترقية بأسرارهم. والله عليم حكيم.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١١٦
﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أنَزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَآبِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ....﴾
١١٧
قلت :﴿مختلفاً﴾ : نعت ﴿ثمرات﴾. و ﴿مختلف ألوانه﴾ : صفة لمحذوف، أي : صنف مختلف.


الصفحة التالية
Icon