الإشارة : كل ما ورد في فضل أهل القرآن، فالمراد به في حق مَن عَمِلَ به، وأخلص في قراءته، وحافظ على حدوده، ورعاه حق رعايته. وقد ورد فيمن لم يعمل به، أو قرأه لغير الله، وعيد كبير، وورد أنهم أول مَن يدخل جهنم. قال شيخ شيوخنا، سيدي عبد الرحمن الفاسي، بعد ذكر الحديثين في فضل حامل القرآن : وهذا مقيد بالعمل، أي : فإنَّ منزلتك عند آخر آية مما عملتَ، لا مما تلوتَ وخالفتَ بعملك ؛ لأنه لو كان
١٢٢
كذلك لانخرقت أصول الدين، ويؤدي إلى أن مَن حفظ سرد القرآن اليوم، يكون أفضل من كثير من الصحابة الأخيار، والصالحين الأبرار ؛ فإن كثيراً من خيارهم مات قبل حفظ جميعه. هـ.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٢١
يقول الحق جلّ جلاله :﴿ثم أورثنا الكتابَ﴾ أي : أوحينا إليك القرآن، وأورثناه مَنْ بعدَك، أي : حكمنا بتوريثه ﴿الذين اصطفينا من عبادنا﴾ وهم أمة محمد ﷺ من الصحابة والتابعين، وتابعيهم، ومَن بعدهم إلى يوم الدين ؛ لأنَّ الله اصطفاهم على سائر الأمم، وجعلهم أمة وسطاً ؛ ليكونوا شهداء على الناس، واختصهم بالانتساب إلى أكرم رسله. قال ابن عطية : الكتاب هنا يراد به معاني القرآن وأحكامه وعقائده، فكأن الله تعالى أعطى أمة محمد القرآن، وهو قد تضمن معاني الكتب المنزلة قبله، فكأنه وَرَّث أمة محمد الكتاب الذي كان في الأمم قبلها. هـ.