إِنَّ ربنا لغفور بتغطية العيوب، شكور بكشف الغيوب، الذي أحلّنا دار المُقامة، هي التمكين في الحضرة، بفضله، لا بحول منا ولا قوة، لا يمسنا فيها نصب. قال القشيري : إذا أرادوا أن يَرَوْا مولاهم لا يحتاجون إلى قَطْعِ مسافةٍ، بل هم في غُرَفِهم يشاهدون مولاهم، ويلقون فيها تحيةَ وسلاماً، وإذا رأوه لا يحتاجون إلى تحديق مُقلةٍ من جهةٍ، كما هم يَرَوْنه بلا كيفية هـ.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٢٣
قلت :" فيموتوا " : جواب النفي.
يقول الحق جلّ جلاله :﴿والذين كفروا لهم نارُ جهنَّمَ﴾ يُخلدون فيها، ﴿لا يُقْضَى عليهم فيموتوا﴾ أي : لا يحكم بموت ثان فيستريحوا، ﴿ولا يُخفف عنهم من عذابها﴾ ساعة، بل كلما خبت زِيد إسعارها، وهذا مثل قوله :﴿لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ﴾ [الزخرف : ٧٥]، وذكر عياض انعقاد الإجماع على أن الكفار لا تنفعهم أعمالهم، ولا يُثابون عليها. ولا تخفيف عذاب. وقد ورد في الصحيح سؤال عائشة عن ابن جدعان، وأنه كان يصل
١٢٧
الرحم، ويطعم المساكين، فهل ذلك نافعُه، فقال عليه السلام :" لا، فإنه لم يقل يوماً : رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين " ثم قال عياض : ولكن بعضهم يكون أشد عذاباً، بحسب جرائمهم.
وذكر أبو بكر البيهقي : أنه يجوز أن يراد بما ورد في الآيات والأخبار من بطلان خيرات الكفار : أنهم لا يتخلصون بها من النار، ولكن يُخفف عنهم ما يستوجبونه بجناية سوى الكفر، ودافعه المازري. قال شارح الصغاني بعد هذا النقل : وعلى ما قاله عياض، فما ورد في أبي طالب من النفع بشفاعته ﷺ، بسبب ذبِّه عنه ونصرته له، مختص به. هـ. ويرد عليه ما ورد من التخفيف في حاتم بكرمه، فالظاهر ما قاله البيهقي. والله أعلم. ومثل ما قاله في أبي طالب، قيل في انتفاع أبي لهب بعتق ثويبة، كما في الصحيح.