يقول الحق جلّ جلاله :﴿قل لهم أرأيتُمْ شركاءكم﴾ أي : أخبروني عن آلهتكم التي أشركتموها في العبادة مع الله، ﴿الذين تدْعُون﴾ أي : تعبدونهم ﴿من دون الله﴾ ما سندكم في عبادتهم ؟ ﴿أروني ماذا خَلقوا من الأرض﴾ أي : جزء من الأرض، استبدُّوا بخلقه حتى استحقُّوا العبادة بسبب ذلك، ﴿أم لهم شِرْكٌ في السماوات﴾ أي : أم لهم مع الله شركة في خَلْق السموات حتى استحقُّوا أن يُعبدوا ؟ بل لا شيء من ذلك، فبطل استحقاقها للعبادة. ﴿أم آتيناهم كتاباً﴾ أم معهم كتاب من عند الله ينطق بأنهم شركاؤه، ﴿فهم على بينةٍ منه﴾ فهم على حجة وبرهان من ذلك الكتاب ؟ قال ابن عرفة : هذا إشارة إلى الدليل السمعي، والأول إشارة إلى الدليل العقلي، فهم لم يستندوا في عبادتهم الأصنام إلى دليل عقلي ولا سمعي، ﴿بل إِن يَعِدُ الظالمون﴾ أي : ما يَعِد الظالمون، وهم الرؤساء ﴿بعضُهُم بعضاً إِلا غُروراً﴾ باطلاً وتمويهاً، وهو قولهم :﴿هَؤُلآَءِ شُفَعَآؤُنَا عِندَ اللهِ﴾ [يونس : ١٨] لَمَّا نفى أنواع
١٣٠
الحجج العقلية والسمعية، أضرب عنه بذكر ما حملهم عليه، وهو تقرير الأسلاف الأخلاف، والرؤساء الأتباع ؛ بأنهم شفعاء عند الله تُقربهم إليه. هذا هو التقليد الرديء، والعياذ بالله.
الإشارة : كل مَن ركن إلى مخلوق، أو اعتمد عليه، يُتلى عليه :﴿أرأيتم شركاءكم...﴾ الآية. وفي الحِكَم :" كما لا يقبل العمل المشترك، لا يُحب القلب المشترك. العمل المشترك لا يقبله، والقلب المشترك لا يُقبل عليه ".
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٣٠


الصفحة التالية
Icon