قلت :" اضرب " : يكون بمعنى : اجعل، فيتعدى إلى مفعولين، و " مَثَلاً " : مفعول أول، و ﴿أصحاب﴾ مفعول ثان، أو : بمعنى :" مثل "، من قولهم : عندي من هذا الضرب كذا، أي : من هذا المثال. و " أصحاب " : بدل من " مَثَلاً "، و " إذ " : بجل من " أصحاب ". و " أَئِن ذُكِّرتُم " : شرط، حُذف جوابه.
يقول الحق جلّ جلاله :﴿وَاضْرِبْ لهم﴾ أي : لقريش ﴿مَثلاً أصحابَ القرية﴾ أي : واضرب لهم مثل أصحاب لهم مثل أصحاب القرية " أنطاكية " أي : اذكر لهم قصة عجيبة ؛ قصة أصحاب القرية، ﴿إِذ جاءها﴾ أي : حين جاءها ﴿المرسلون﴾ رُسل عيسى عليه السلام، بعثهم دعاةً إلى الحق، إلى أهل أنطاكية. وكانوا عبدة أوثان.
﴿إِذ أرسلنا﴾ : بدل من " إذ " الأولى، أي : إذ بعثنا ﴿إِليهم اثنين﴾ بعثهما عيسى
١٤٠
عليه السلام، وهما يوحنا وبولس، أو : صادقاً وصدوقاً، أو غيرهما. فلما قربا إلى المدينة، رأيا شيخاً يرعى غنيمات له، وهو حبيب النجار، فسأل عن حالهما، فقالا : نحن رسولا عيسى، ندعوكم من عبادة الأوثان إلى عبادة الرحمن ؟ فقال : أمعكما آية ؟ فقالا : نشفي المريض، ونُبرىء الأكمه والأبرص، وكان له ابن مريض منذ سنين، فمسحاه، فقام، فآمن حبيب، وفشا الخبر، فَشُفِي على أيديهما خلق كثير، فدعاهما الملك، وقال : ألنا إِلهٌ سوى آلهتنا ؟ فقالا : نعم، مَن أوجدك وآلهتك، فقال : قُوما حتى أنظر في أمركما، فحبسهما.


الصفحة التالية
Icon