ثم بعث عيسى عليه السلام شمعونَ، فدخل متنكراً، وعاشر حاشية الملك، حتى استأنسوا به، ورفعوا خبره إلى الملك، فاستأنس به. فقال له ذات يوم : بلغني أنك حبستَ رجلين، فهل سمعتَ قولهما ؟ قال : لا، فدعاهما. فقال شمعون : مَن أرسلكما ؟ فقالا : الله الذي خَلَق كل شيء، ورَزَق كل حيّ، وليس له شريك. فقال : صِفاه وأوجزا، فقالا : يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، قال : وما آيتكما ؟ قالا : ما يتمنّى الملك، فدعا بغلام أكمه، فدعَوا الله، فأبصر الغلامُ، فقال شمعون للملك : أرأيت لو سألت إلهك حتى يصنع مثل هذا، فيكون لك وله الشرف ؟ فقال : ليس لي عنك سرٌّ، إن إلهنا لا يُبصر ولا يَسمع، ولا يضر، ولا ينفع. فقال : إِنْ قدر إلاهكما على إحياء ميّت آمنا، فدعَوا بغلام مات منذ سبعة أيام، فقام، فقال : إني دخلت في سبعة أودية من النار لِمَا مت عليه من الشرك، وأنا أُحذّركم ما أنتم عليه! فآمِنوا. قال : وفُتحت أبواب السماء، فرأيت شابّاً حسن الوجه، يشفع لهؤلاء الثلاثة، قال الملك : مَن هم ؟ قال : شمعون وهذان، فتعجّب الملك. فلمّا رأى شمعون أن قوله أثّر فيه، نصَحه وآمن، وآمن قوم، ومَن لم يؤمن صاح عليهم جبريل، فهلكوا. كما سيذكره بقوله :﴿إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون﴾.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٤٠


الصفحة التالية
Icon