جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٤٢
قال الكواشي : تمنى أن يعلم قومُه أنَّ الله قد غفر له، وأكرمه، ليرغب قومُه في اتباع الرسل، فيُسلموا، فنصح قومَه حيًّا وميتاً. وكذلك ينبغي أن يكون كل داع إلى الله تعالى، في المجاهدة والنصيحة لعباد الله، وألاَّ يحقد عليهم إن آذوه، وأن يكظّم كل غيظ يناله بسببهم. وعن رسول الله ﷺ :" سُبَّاق الأمم ثلاثة : علي بن أبي طالب، وصاحب يس، ومؤمن آل فرعون " هـ.
قال القشيري : قد أَبْلَغَ ـ حبيب الوَعْظَ، وصَدَقَ النُّصْح، ولكن كما قالوا وأنشدوا :
١٤٣
وكم سُقْتُ في آثارِكم من نصيحةٍ
وقد يستفيد البغةَ المتنصِّحُ
فلمَّا صَدَقَ في حاله، وصَبَرَ على ما لَقِيَ من قومه، ورجع إلى ربه، تلقَّاه بحسن إقباله، وآواه إلى كنف إفضاله، ووجد ما وعده به من لُطْفِ نواله، فتَمنَّى أنْ يعلم قومُه حاله، فَحَقَّقَ مُناة، وأخبر عن حاله، وأنزل فيه خطابه، وعَرَفَ قومُه هـ.
الإشارة : أحبُّ الخلق إلى الله أنفعهم لعياله وأنصحهم لهم. وفي الحديث :" لئن يهدي الله بك رَجُلاً واحداً خيرٌ لك من حُمْرِ النِّعَم " فينبغي لمَن أراد الظفر بمحبة الحبيب، وينال منه الحظوة والتقريب، أن يتحمّل المشاق في إرشاد عباد الله، ويستعمل الأسفار في ذلك، لينال عنده الجاه الكبير، والقُرب العظيم. حققنا الله بذلك بمنِّه وكرمه.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٤٢


الصفحة التالية
Icon