وربت بالنبات. ﴿وأخرجنا منها حَبّاً﴾ جنس الحب، ﴿فمنه يأكلون﴾ هم وأنعامهم. وقدَّم الظرف ليدل على أن الحبّ هو الشيء الذي يتعلق به معظمُ العيش، ويقوم، بالارتفاق به، صلاحُ الإنسان، إذا قلَّ جاء القحط، ووقع الضرّ، وإذا فُقد حضر الهلاك، ونزل البلاء. ﴿وجعلنا فيها﴾ في الأرض ﴿جناتٍ﴾ بساتين ﴿من نخيلٍ وأعنابٍ، وفجَّرنا فيها من العُيُون﴾، " من " : زائدة عند الأخفش، وعند غيره : المفعول : محذوف، أي : ما تتمتعون به من العيون.
﴿ليأكلوا من ثَمره﴾ أي : من ثمر الله، أي : ليأكلوا مما خلق الله تعالى من الثمر، أو : من ثَمَرة، يخلقها الله من ذلك، على قراءة الأخوين. ﴿وما عملته أيديهم﴾ أي : ومما عملته أيديهم من الغرس، والسقي، والتلقيح، وغير ذلك، مما تتوقف عليه في عالم الحكمة، إلى أن يبلغ الثمر منتهاه. يعني : أن الثمر في نفسه فعل الله، وفيه آثارٌ من عمل ابن آدم، حكمةً، وتغطيةً لأسرار الربوبية. وأصله : من ثمرنا، كما قال :﴿وجعلنا﴾ ﴿وفجرنا﴾، فالتفت إلى الغيبة. ويجوز أن يرجع الضميرُ إلى النخيل، ويترك الأعناب غير مرجوع إليها ؛ لأنه عُلم أنها في حكم النخيل. وقيل :" ما " نافية، على أن الثمرة خلق الله، ولم تعمله أيدي الناس، ولا يقدرون عليه. ﴿أفلا يشكرون﴾ الله على هذه النعم الجسيمة، وهو حثّ على الشُكر.


الصفحة التالية
Icon