﴿والقمرَ قدَّرناه﴾ من نصبه ؛ فبِفِعْل مضمر، ومن رفعه ؛ فمبتدأ، والخبر :﴿قدَّرناه منازلَ﴾ وهي ثمانية وعشرون منزلاً : فرع الدلو المقدم، فرع الدلو المؤخر، بطن الحوت، النطْح، البُطَيْن، الثُّريَّا، الدَّبَران، الهَقْعَة، الهَنْعَة، الذِّراع، النَّثْرة، الصَّرْفَة، الجَبْهَة، الطَّرْفة، الزَّبرة، العَوَّاء، السِّمَاك، الغَفْر، الزَّبَاني، الإِكْليل، القَلْب، الشَّوْلة، النعَائِم، البَلَدة، سَعْدُ الذَّابح، سعد السُّعُود، سَعْد الأخبية، ينزل القمر كل ليلة في واحد منها لا يتخطاها، ولا يتقاصر عنها. على تقدير مستوٍ، يسيرُ فيها من ليلة المستهلّ إلى الثامنة والعشرين، ثم يستتر ليلتين، أو ليلة إذا نقص الشهر. ولا بد في ﴿قدّرناه منازلَ﴾ من تقدير مضاف ؛ أي : قدّرنا سيره، أو نوره، فيزيد وينقص، إذ لا معنى لتقدير القمر منازل، فيكون " منازل " ظرفاً.
فإذا كان في آخر منازله، دقّ وتقوّس، ﴿حتى عادَ كَالعُرْجُون﴾ أي : كالشّمراخ، وهو عنقود التمر إذا يبس واعوج. ووزنه فعلون، من الانعطاف، وهو الانعراج، ﴿القديم﴾ العتيق المُحْوِل، وإذا قُدم دقّ، وانحنى، واصفرّ، فشبه القمر به من ثلاثة أوجه.
﴿لا الشمسُ ينبغي لها﴾ يصح ويستقيم لها ﴿أن تُدرِكَ القَمَرَ﴾ فتجتمع معه في وقتٍ واحد، وتداخله في سلطانه، فتطمس نوره قبل تمام وقته ؛ لأن لكلِّ واحد من النيّرين سلطاناً على حياله، فسلطان الشمس بالنهار، وسلطان القمر بالليل. ﴿ولا الليلُ سابقُ النهارِ﴾ ولا يسبق الليل النهار، أي : آيةَ الليل لا تسبق آيةَ النهار، وهي النيّران. ولا يزال الأمرُ على هذا الترتيب إلى أن تقوم الساعة، فيجمع الله بين الشمس والقمر، ويُكوران
١٤٨


الصفحة التالية
Icon