يقول الحق جلّ جلاله :﴿إِنَّ أَصحابَ الجنةِ اليومَ في شُغلٍ﴾ ـ بضم الغين وسكونها ـ أي : في شغل لا يوصف ؛ لِعظم بهجته وجماله. فالتنكير للتعظيم، وهو افتضاض الأبكار، على شط الأنهار، تحت الأشجار، أو سماع الأوتار في ضيافة الجبار. وعن أبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهما قيل : يا رسول الله أَنُفْضِي إلى نسائنا في الجنة، كما نُفضي إليهن في الدنيا ؟ قال :" نعم، والذي نفس محمد بيده إن الرجل ليُفضي في الغداة الواحدة إلى مائة عذراء " وعن أبي أمامة : سئل رسول الله ﷺ : هل يتناكح أهل الجنة ؟ فقال :" نعم، بِذَكَرٍ لا يمَلُّ، وشهوة لا تنقطع، دحْماً دحْماً " قال في القاموس : دحمه ـ كمنعه : دفعُه شديداً. وعن أبي سعيد الخدري قال رسول الله ﷺ :" أهل الجنة إذا جامعوا نساءهم عادوا أبكاراً "، وفي رواية أبي الدرداء :" ليس في الجنة مَنِّي " وفي رواية :" بول أهل الجنة عرق يسيل تحت أقدامهم مِسكاً " وعن إبراهيم النخعي : جماع ما شئت، ولا ولد. هـ. فإذا اشتهى الولد كان بلا وجع، فقد روى الحاكم والبيهقي عنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ :" إن الرجل من أهل الجنة ليولد له الولد، كما
١٥٣
يشتهي، فيكون حمله وفصاله وشبابه في ساعة واحدة " انظر البدور السافرة.
قلت : والتحقيق أن شغل أهل الجنة مختلف، فمنهم مَن هو مشتغل بنعيم الأشباح، من حور، وولدان، وأطعمة، وأشربة، على ما يشتهي، ومنهم مَن هو مشتغل بنعيم الأرواح، كالنظر لوجه الله العظيم، ومشاهدة الحبيب، ومناجاة، ومكالمات، ومكاشفات، وترقيات في معاريج الأسرار كل ساعة. ومنهم مَن يُجمع له بين النعيمين، وسيأتي في الإشارة. وقوله تعالى :﴿فَاكِهُون﴾ أي : متلذذون في النعمة، والفاكه والفكه : المتنعم، ومنه : الفكاهة ؛ لأنه مما يتلذّذ به، وكذا الفاكهة.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٥٣


الصفحة التالية
Icon