وقرأ الأخوان " عجبتُ " بضم التاء، أي : استعظمت. والعجَبُ : روعة تعتري الإنسان عند استعظام الشيء ؛ لخفاء سببه، وهو في حقه تعالى مُحال، ومعناه : التعجُّب لغيره، أي : كل مَن يرى حالهم يقول : عجبت، ونحوه : قوله ﷺ :" عجب الله من شاب ليست له صبوة " وهو عبارة عما يُظهره الله في جانب المتعجب منه، من التعظيم أو التحقير، أو : قل يا محمد : عجبتُ ويسخرون.
﴿وإِذا ذُكِّروا لا يذْكُرون﴾ أي : ودأبهم أنهم إذا وُعظوا بشيء لا يتعظون به. ﴿وإِذا رَأَوْا آيةً﴾ معجزة، كانشقاق القمر، ونحوه، ﴿يَسْتَسْخِرُونَ﴾ يُبالغون في السخرية، ويقولون : إنه سحر، ويستدعي بعضهم بعضاً أن يسخر منها، ﴿وقالوا إِن هذا﴾ ما هذا ﴿إِلا سحر مبينٌ﴾ ظاهر سحريته، ﴿أَإِذَا مِتنا وكنا تُراباً وعظاماً أئِنا لمبعُوثُون﴾ أي : أَنُبعث إذا كنا تُراباً وعظاماً ؟ ﴿أوَ آبَاؤُنا الأولون﴾ فمن فتح الواو عطف على محلّ " إِنّ " واسمها، والهمزة للإنكار، أي : أَوَيُبعث أيضاً آباؤنا الأولون الأقدمون، على زيادة الاستبعاد، يعنون أنهم أقدم، فبعثهم أبْعد وأبطل. ومَن سَكَّن فَمِنْ عطفِ أحد الشيئين، أي : أيُبعث واحد منا، على المبالغة في الإنكار. ﴿قُلْ نَعَم﴾ تُبعثون ﴿وأنتم داخرون﴾ صاغرون.
﴿فإِنما هي زَجْرَةٌ واحدة﴾ أي : صيحة واحدة، وهي النفخة الثانية، والفاء : جواب شرط مقدر، أي : إذا كان كذلك فما هي إلا صيحة واحدة، وهي مبهمة، يُفسرها خبرها.
أو : فإنما البعثة زجرة واحدة. والزجرة : الصيحة، من قولك : زجر الراعي الإبلَ والغنمَ :
١٦٨
إذا صاح عليها، ﴿فإِذا هم﴾ أحياء ﴿ينظرون﴾ إلى سوء أعمالهم، أو : ينظرون ما يحلُّ بهم.