﴿وقالوا يا ويلنا﴾ الويل : كلمة يقولها القائل وقت الهلكة، ﴿هذا يومُ الدينِ﴾ اليوم الذي يُدانُ فيه العباد، ويُجازون بأعمالهم. ﴿هذا يومُ الفصلِ﴾ أي : يوم القضاء والفرق بين فرق الهدى والضلالة، ﴿الذي كنتم به تُكذِّبون﴾ يحتمل أن يكون قوله :﴿هذا يوم الدين﴾ من كلام الكفرة، بعضهم مع بعض، وأن يكون من كلام الملائكة لهم، وأن يكون ﴿يا ويلنا هذا يوم الدين﴾ من كلام الكفرة، وما بعده كلام الملائكة، جواباً لهم. والله تعالى أعلم.
الإشارة : الإنسان فيه عالَمان، عالَم في غاية الضعف والخِسة، وهي بشريته الطينية، أصلها من ماء مهين. وعالَم في غاية القوة والكمال، وهي روحانيته السماوية النوارنية، فإذا حييت الروح بالعلم بالله، واستولت على البشرية، استيلاء النار على الفَحمة، أكسبتها القوة والشرف، وإذا ماتت الروح بالغفلة والجهل، واستولت عليه البشرية أكسبتها الضعف والذل، والعارف الكامل هو الذي ينزل كل شيء في محله، فينزل الضعف في ظاهره، والقوة في باطنه، فظاهره يمتد من الوجود بأسره، وباطنه يمُد الوجود بأسره. فمَن نظر إلى أصل ظاهره تواضع وعرف قدره، ولذلك قال سيدنا علي كرّم الله وجهه : ما لابن آدم والفخر، وأوله نطفة مذرة، وآخره جيفة قذرة، وفيما بينهما يحمل العذرة. هـ.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٦٧
ومَن نظر إلى باطنه تاه على الوجود بأسره، لكن من آداب العبد : ألا يُظهر بين يدي سيده إلا ما يناسب العبودية، من الضعف، والذل، والفقر، فإذا تحقّق بوصفه مدَّه اللهُ بوصفه. وبالله التوفيق.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٦٧
يقول الحق جلّ جلاله للملائكة يوم القيامة :﴿احْشُرُوا الذين ظلموا﴾ أي : اجمعوا الذين كفروا ﴿وأزواجَهم﴾ وأَشباهَهم، فيُحشر عابد الصنم مع عبدة الأصنام، وعابد الكواكب مع عبدتها. أو : نساءهم الكافرات، أو : قرناءهم من الشياطين. و " الواو " بمعنى
١٦٩


الصفحة التالية
Icon