ولمَّا لم يحتشموا من وصفه ـ سبحانه ـ بما لا يليق بجلاله، لم يُبالوا بها أطلقوا من المثالب في جانب أنبيائه. هـ.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٧١
يقول الحق جلّ جلاله :﴿إِلا عبادَ الله المخلصين﴾ ـ بفتح اللام، وكسرها ـ أي : لكن عباد الله المخلصين في أعمالهم، أو : الذين أخلصهم الله ونجاهم من الشرك، فليسوا مع أولئك المعذّبين، بل ﴿أولئك﴾ المخلصون ﴿لهم رزق معلومٌ﴾ يأتيهم بكرة وعشياً، كحال المياسير في الدنيا، فهو معلوم الوقت ؛ لأن النفس إليه أسكن. قال القشيري : قد كان في وقت الرسول ﷺ مَن له رزقٌ معلومٌ، فهو من جملة المياسير، وهذه صفة أهل الجنة، لهم في الآخرة رزقٌ معلوم لأبشارهم وأسرارهم، فالأغنياء ـ اليوم ـ لهم رزق معلوم لأبشارهم، والفقراء لهم رزق معلوم لقلوبهم وأسرارهم. هـ.
ثم فسّره بقوله :﴿فواكِهُ﴾ : جمع فاكهة، وهي كل ما يتلذّذ به، فليس قوتهم لحفظ الصحة، بل رزقهم كله فواكه ؛ لأنهم مستغنون عن حفظ الصحة بالأقوات ؛ لأن أجسامهم نورانية مخلوقة للأبد، فما يأكلونه إنما هو للتلذُّذ. أو : معلوم، أي : منعوت بخصائص خلق عليها من طيب طعم، ورائحة، ولذّة، وحسن منظر، ﴿وهم مكرَمُون﴾ : معظَّمون. قال القشيري : من ذلك : ورود الرسُل عليهم من قِبَلِ الله ـ عزّ وجل ـ في كل وقت، وكذلك اليومَ الخطابُ وارد على قلوب الخواص في كل وقتٍ بكلِّ أمر. هـ.
وقوله :﴿في جناتِ النعيم﴾ إما ظرف لمكرمون، أو : حال، أو : خبر، أي : في جنةٍ ليس فيها إلا النعيم المقيم. وكذا ﴿على سُرُرٍ متقابلينَ﴾ : يُقابل بعضها بعضاً، إن استوت درجتهم، فالتقابل أتم للسرور. وآنس.