الإشارة : المخلَصين ـ بالفتح ـ أبلغ من المخلِصين ـ بالكسر ـ المخلَصين : أخلصهم الله واصطفاهم، والمخلِصين : طالبين الإخلاص، مجتهدين فيه، الأولون مجذوبون، والآخرون سالكون، الأولون محبوبون، والآخرون مُحبون، الأولون واصلون، والآخرون سائرون. قال القشيري : والإخلاص : إفرادُ الحقِّ ـ سبحانه ـ بالعبودية، فالذي يشوبُ عمله برياء ليس بمخلص. ويقال : الإخلاص : تصفية العمل، لا توفيقه، وفي الخبر :" يا معاذ، أخلص العملَ، يكفك القليل منه " ويقال : الإخلاص : فقد رؤية الأشخاص. هـ.
﴿أولئك لهم رزق معلوم﴾ للمخلَصين ـ بالفتح ـ رزق أرواحهم وأسرارهم، من النظر إلى وجه الحبيب في كل ساعة. وللمخلصين، رزق أشباحهم مما يشتهون. وقد يجتمع لهما، ويغلب لكل واحد ما كان الغالب على همته في الدنيا. وهم مكرمون بالتقريب والمشاهدة، على قدر سعيهم هنا، ويشربون كأس المحبة والاصطفاء على قدر شربهم هنا خمرة المعاني، وشرب المعاني على قدر الغيبة عن حس الأواني والزهد في بهجتها.
وقوله تعالى :﴿فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون﴾ كان من تمام نعيمهم في الشرب : التحادث عليها بما يُناسب حالها، ومدحها، كما قال الشاعر :
١٧٣
وإذا جلست إلى المُدام وشُربه
فاجعل حديثك كله في الكاس
كذلك العارف إذا جلس مجلس الفكرة، وغاب في الشهود والنظرة، لا يجول إلا في عظمة الذات، وأسرارها، وبهائها، وجمالها، لا يخطر على باله غيرها، فحديث روحه وسره كله في الخمرة الأزلية. هذه هي الفكرة الصافية، والنظرة الشافية، متعنا الله بها على الدوام. آمين.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٧٢