الإشارة : لا يكون العبد إبراهيميًّا حنيفيًّا حتى يقدس قلبه مما سوى الله، ويرفض كلَّ ما عبده الناسُ من دون الله، كحب الدنيا، والرئاسة، والجاه، فيجيء إلى الله بقلب سليم، أي : مقدس من شوائب الطبيعة، فهو سالم مما دون الله ؛ لاتصاله بالله. قال القشيري :" بقلب سليم " لا آفة فيه. ويقال : لديغٍ مِن محبة الأغيار، أو : من الحظوظ، أو : من الاختيار والمنازعة. والله تعالى أعلم.
١٧٩
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٧٩
يقول الحق جلّ جلاله :﴿فَنَظَر﴾ إبراهيم ﴿نظرةً في النجوم﴾ وذلك أن قومه كانوا يتعاطون علم النجوم، فعاملهم بما يعلمون ؛ لئلا ينكروا عليه تخلُّفه. وكانوا يقولون : إذا طلع سهيل مقابل الزهرة سَقِمَ مَن نظر إليه، فاعتلّ عليهم ؛ لأنه نظر إليه ليتركوه. وذلك أنه كان لهم من الغد عيد ومجمع، وكانوا يدخلون على أصنامهم، فيقربون إليها القرابين، ويضعون بين أيديها الطعام، قبل خروجهم إلى عيدهم، لتبارك عليه، فإذا قَدِمُوا أكلوه. فلما نظر إلى النجوم، قال :﴿إِني سقيمٌ﴾ إني مشارف للسقم ـ وهو الطاعون، وكان أغلب الأسقام عليهم، وكانوا يخافون العدوى ـ ليتفرقوا عنه، فهربوا منه إلى عيدهم، وتركوه في بيت الأصنام، ليس معه أحد، ففعل بالأصنام ما فعل. قيل : إن علم النجوم كان حقًّا ثم نُسخ الاشتغال به.


الصفحة التالية
Icon