وقد يُجاب بأن البشارة أولاً كانت بولادته، والثانية بنبوته، أو : بسلامته. وبأن الثانية تفسير للأولى، كأنه قال بعدما فرغ من ذكر المبشر به : وكانت تلك البشارة بإسحاق. قاله الفاسي في حاشيته. وعن الحديث بأن العم يُطلق عليه أباً، كقوله تعالى :﴿نَعْبُدُ إِلَهَكَ
١٨٣
وَإِلَهَ ءَابَآئِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ﴾ [البقرة : ١٣٣] وكان عمًّا له، وتقدّم عن ابن جبير أن إبراهيم سار بابنه على البراق إلى مكة وحيث كان الذبح بها بقي القربان فيها. والله تعالى أعلم بغيبه.
ولَمَّا قال له :﴿إِني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر﴾ به ﴿ستجدني إِن شاء الله من الصابرين﴾ على الذبح. رُوي أن إبراهيم قال لابنه : انطلق بنا نُقرب قرباناً لله تعالى، فأخذ سكيناً وحبلاً، ثم انطلق معه، حتى إذا ذهب بين الجبال، قال له الغلام : يا أبتِ أين قربانك ؟ فقال :﴿يا بُني إِني أرى في المنام...﴾ الآية، فقال : يا أبت خذ بناصيتي، واجلس بين كتفي، حتى لا أؤذيك إذا أصابتني الشفرة، ولا تذبحني وأنا ساجد، واقرأ على أمي السلام، وإن رأيت أن تردّ قميصي إلى أمي فافعل، عسى أن يسليها عني. قال إبراهيم : نِعْمَ العون أنت على أمر الله تعالى. فربطه إبراهيم عليه السلام ثم جعل يُقبّله، وهو يبكي، والابن يبكي، حتى استنقعت الدموع تحت خده.