﴿فلما أَسْلَمَا﴾ أي : انقادا لأمر الله وخضعا. وعن قتادة : أسلم هذا ابنه، وهذا نفسه. ﴿وتَلَّه للجبين﴾ صرعه على جنبه، ووضع السكين على حلقه، فلم تعمل، ثم وضع السكين على قفاه فانقلب السكين، ونودي : يا إبراهيم قد صدّقتَ الرؤيا. رُوي أنَّ ذلك المكان عند الصخرة التي بمِنى. وجواب " لما " محذوف، أي : فلما أسلما رُحما وسَعدا. وقال بعض الكوفيين : الجواب :(وتله) والواو : زائِدة. وقال الكسائي : الجواب :(وناديناه) والواو زائدة. وقال الخليل وسيبويه : الجواب محذوف، أي : فلما أسلما سَلِما. وقدّر الراضي : فلما أسلما كان من لطف الله ما لا يوصف. هـ.
﴿وناديناه أن يا إِبراهيمُ قد صَدَّقْتَ الرؤيا﴾ أي : حققت ما أمرناك به في المنام، من تسليم الولد للذبح، وبالعزم والإتيان بالمقدمات، ﴿إِنا كذلك نجزي المحسنين﴾ تعليل لما خوّلهما من الفرج بعد الشدة. والحاصل : أن الجزاء هو الوقاية من الذبح، مع إمرار السكين، ولم تقطع، جزاء على إحسانهما، وقد ظهرت الحكمة بصدقهما، فإن المقصود إخلاء السر من عادة الطبيعة، لا تحصيل الذبح، رُوي أنه لما أمرّ السكين فلم تقطع، تعجّب. فنُودي : يا إبراهيمُ كان المقصود من هذا استسلامكما، لا ذبح ولدك.
﴿
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٨١
إِنَّ هذا لَهُوا البلاءُ المبينُ﴾
الاختبار البيّن، الذي يتميز فيه المخلصون من غيرهم. أو : المحنة البيّنة الصعبة، فإنه لا محنة أصعب منها. ﴿وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ : ضخم الجثة سمين. قال ابن عباس : هو الكبشُ الذي قرّبه هابيل فقُبل منه، وكان يرعى في الجنة حتى فُدِي به ولد إبراهيم. وعنه : لو تمت تلك الذبيحة لصارت سُنَّة، وذَبَحَ الناسُ أولادهم. رُوي أن الكبش هرب من إبراهيم عند الجمرة، فرماه ؛ سبع حصيات، حتى أخذه، فبقيت
١٨٤


الصفحة التالية
Icon