ثم قالوا :﴿أجَعَلَ الآلهةَ إلهاً واحداً﴾ بأن نفى الألوهية التي كانت لآلهتهم وقصرها على واحد، ﴿إِنَّ هذا لشيءٌ عُجَابٌ﴾ ؛ بليغ في العجب، وذلك لأنه خلاف ما ألفوا عليه آباءهم، الذين أطبقوا على عبادة آلهتهم، كابراً عن كابر، فإنَّ مدار كل ما يأتون ويذورن،
٢٠١
من أمور دينهم، هو التقليد والاعتياد، فيَعُدون ما يخالف ما اعتادوه عجباً من العجاب، بل محالاً، وأما جعل مدار تعجبهم عدم وفاء علم الواحد، وقدرته بالأشياء الكثيرة، فلا وجه له ؛ لأنهم لا يدّعون أن لآلهتهم علماً وقدرة ومدخلاً في حدوق شيءٍ من الأشياء، حتى يلزم من ألوهيتهم بقاء الأثر مؤثر، قاله أبو السعود منتقداً على البيضاوي.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٠١
قال القشيري : لم تباشر خلاصةُ التوحيد قلوبَهم، وبُعدوا عن ذلك تجويزاً، فضلاً عن أن يكون إثباتاً وحكماً، فلا عَرَفُوا أولاً معنى الإلهية ؛ فإن الإلهية هي القدرة على الاختراع. وتقديرُ قادِرَيْن على ذلك غيرُ صحيح ؛ لِمَا يجب من وجود التمانع بينهما وجوازه، وذلك يمنع من كمالها، ولو لم يكونا كامِلَي الوصفِ لم يكونا إِلَهيْن، وكلُّ مَن جرّ ثبوته لسقوطه فهو مطرح باطل. هـ.