رضي الله عنه : كان إذا سبّح، جاوبته الجبال بالتسبيح، واجتمعت إليه الطير، فسبَّحت، فذلك حشرها. ﴿كلٌّ له أواب﴾ أي : كل واحد من الجبال والطير لأجل تسبيح داود. ووضع الأوّاب موضع المسبّح ؛ لأن الأوّاب : الكثير الرجوع إلى الله تعالى، من عادته أن يكثر ذكر الله، ويدير تسبيحه وتقديسه على لسانه. وقيل : الضمير لله، أي : كل من داود والجبال والطير أوّاب، أي : مسبّح لله تعالى ومرجّع للتسبيح، وقيل : لداود، أي : يرجع لأمره.
﴿
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٠٦
وشَدَدْنا مُلْكَه﴾
أي : قوّيناه بالهيبة والنصرة وكثرة الجنود. قيل : كان بيت المقدس حول محرابه ثلاثة وثلاثون ألف رجل. قال القشيري : ويقال : وشددنا ملكه بالعدل في القضية، وحسن السيرة في الرعية، أو : بدعاء المستضعفين، أو : بقوم مناصحين، كانوا يَدُلونه على ما فيه صلاح ملكه، أو : بقبوله الحق من كل أحد، أو : برجوعه إلينا في عموم الأوقات. هـ. وقال ابن عباس : أن رجلاً من بني إسرائيل استعدى على رجل من عظمائهم إلى داود، فقال المستعدي : إن هذا غصبني بقرتي، فجحد الآخر، ولم تكن له بينة، فقال داود : قُوما حتى أنظر في أمركما، فأوحى الله تعالى إلى داود في منامه : أن اقْتُل الرجل الذي استعدِيَ عليه، فتثبت داود حتى أوحى الله إليه ثلاثاً أن يقتله، أو تأتيه العقوبة من الله، فأرسل داود إلى الرجل : أن الله قد أوحى إليَّ أن أقتلك، فقال : تقتلني بغير بينة ؟ فقال : نعم، والله لأنفذنَّ أمرَ الله فيك، فلما عرف الرجلُ أنه قاتله، فقال : لا تعجل عليَّ حتى أخبرك أن الله تعالى لم يأخذني بهذا الذنب، الذي هو السرقة، ولكني كنتُ قتلتُ أبا هذا غِيلة، وأخذتُ البقرة، فقتله داود، فقال الناس : إذا أذنب أحد ذنباً أظهره الله عليه ؛ فقتله، فهابوه، وعظمت هيبته في القلوب هـ.


الصفحة التالية
Icon