﴿وآتيناه الحكمة﴾ ؛ النبوة، وكمال العلم، وإتقان العمل، والإصابة في الأمور، أو : الزبور وعلم الشرائع. وكل كلام وافق الحق فهو حكمة. ﴿وفَصْلَ الخطاب﴾ ؛ علم القضاء وقطع الخصام، فكان لا يتتعتع في القضاء بين الناس، أو : الفصل بين الحق والباطل. والفصل : هو التمييز بين الشيئين، وقيل : الكلام البيِّن، بحيث يفهمه المخاطب بلا التباس، فصْل بمعنى مفصول، أو : الكلام البيِّن الذي يبين المراد بسرعة، فيكون بمعنى فاصل، والمراد : ما أعطاه الله من فصاحة الكلام، الذي كان يفصل به بين الحق والباطل، والصحيح والفاسد، في قضاياه وحكوماته، وتدابير الملك، والمشورات. وعن عليّ رضي الله عنه :" هو الْبَيِّنَةُ على المُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ " وعن الشعبي :" هو : أما بعد " فهو أول مَن تكلم بها، فإنَّ مَن تكلم في الذي له شأن يفتتح بذكر الله وتحميده، فإذا أراد أن يخرج إلى الغرض المسوق له الكلام، فصل بينه وبين ذكر الله بقوله : أما بعد.
٢٠٨
الإشارة : فاصبر أيها الفقير على ما يقولون فيك، وتسلّ بمَن قبلك من أهل الخصوصية الكبرى والصغرى، ففيهم أُسوة حسنة لمَن يرجو الوصول إلى الله تعالى. وقوله تعالى :﴿إِنَّا سخَّرنا الجبالَ معه...﴾ الخ. قال القشيري : كل مَن تحقق بحالة ساعده كل شيء. هـ. قلت : وفي الحِكَم :" أنت مع الأكوان ما لم تشهد المكوِّن، فإذا شهدت المكوِّن كانت الأكوان معك " وبالله التوفيق.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٠٦