بالتقوى، والولاية لِمن تحقق شهوده، مع بقية من نفسه، بحيث تقل عثراته جدًّا، والخلافة لِمن تحققت حريته، وظهرت عصمته، بجذب العناية، والله تعالى أعلم.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢١٣
وقوله تعالى :﴿ولا تتبع الهوى﴾، الهوى : ما تهواه النفس، وتميل إليه، من الحظوظ الفانية، قلبية كانت، كحب الجاه، والمال، وكالميل في الحُكم عن صريح الحق، أو : نفسانية، كالتأنُّق في المآكل، والمشارب، والمناكح. واتباعُ الهوى : طلبُه، والسعي في تحصيله، فإن كان حراماً قدح في الإيمان، وإن كان مباحاً قدح في نور مقام الإحسان، فإن تَيسَّرَ من غير طلب وتشوُّف، وكان موافقاً للسان الشرع، جاز تناول الكفاية منه، مع الشكر وشهود المنَّة. قال عمر بن عبد العزيز : إذا وافق الحقُّ الهوى، كان كالزبد بالبرسَام، أي : السكر. وفي الحِكَم :" لا يخاف أن تلتبس الطرق عليك، إنما يخاف من غلبة الهوى عليك " وغلبة الهوى : قهره وسلطنته، بحيث لا يملك نفسه عند هيجان شهوتها.
وقوله تعالى :﴿وما خلقنا السماء والأرضَ وما بينهما باطلاً﴾ أي : بل خلقناهما لنُعرف بهما، فما نُصبت الكائنات لتراها، بل لترى فيها مولاها. وقد تقدّم هذا مراراً.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢١٣
قلت :" كتابٌ " : خبر عن مضمر، أي : هذا، و " أنزلناه " : صفة له، و " مبارك " : خبر ثان، أو : صفة الكتاب، و " لِّيدبروا " : متعلق بأنزلناه.


الصفحة التالية
Icon