السابع : التخصيص، وهو أن يعتقد أن المقصود بكل خطاب في القرآن، فإن سمع أمراً أو نهياً، قدر أنه المأمور والمنهي، وكذلك إن سمع وعداً ووعيداً، وإن سمع قصص الأولين عَلِمَ أن المقصود به الاعتبار، ليأخذ من تضاعيفه ما يحتاج إليه، ويتقوّى إيمانه،
٢١٦
قال تعالى :﴿وَكُّلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَآءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بشهِ فُؤَادَكَ﴾ [هود : ١٢٠] فالقرآن لم ينزل خاصّاً برسول الله ﷺ، بل هو شفاء ورحمة ونور للعالمين، فيثبت فؤاد كل مَن يسمعه.
الثامن : التأثير، وهو أن يتأثر قلبه بآثار مختلفة، بحسب اختلاف الآيات، فيكون له بحسب كل فهم حال ووجد، يتصف به قلبه ؛ من الخوف، والرجاء، والقبض، والبسط، وغير ذلك.
التاسع : الترقي وهو أن يترقى إلى أن يسمع الكلام من الله سبحانه، لا من نفسه، ولا من غيره. فدرجات القرآن ثلاث : أدناها : أن يُقدر العبد كأنه يقرأ على الله تعالى، واقفاً بين يديه، فيكون حاله السؤال والتملُّق. ثانيها : أن يشهد بقلبه كأن الله تعالى يُخاطبه بألفاظه، ويُناجيه بإنعامه وإحسانه، فمقامه الحياء والتعظيم. الثالثة : أن يرى في الكلام المتكلِّم، فلا ينظر إلى نفسه، ولا إلى قراءته، بل يكون مقصور الهم على المتكلم، مستغرقاً في شهوده، وهذه درجة المقرَّبين، وما قبلها درجة أصحاب اليمين، وما خرج عن هذا فهو درجة الغافلين. وعن الدرجة العليا أخبر جعفر الصادق رضي الله عنه بقوله : والله لقد تجلّى الله لخلقه في كلامه ولكن لا يُبصرون. هـ. وقال بعض الحكماء : كنتُ أقرأ القرآن ولا أجد حلاوة، حتى تلوته كأنه أسمعه من رسول الله ﷺ يتلوه على أصحابه، ثم رُفعت إلى مقام، كأني أسمعه من جبريل، يلقيه على رسول الله ﷺ، ثم جاء الله بمنزلة أخرى، فأنا الآن أسمعه من المتكلِّم به، فعندها وجدت له لذة ونعيماً لا أصبر عنه.


الصفحة التالية
Icon