آصف وعظماءُ بني إسرائيل حُكمَ الشيطان، حتى دخلوا على نسائه، فقالوا : قد أنكرنا حُكمه، فذهبوا حتى جلسوا بين يديه، فنشروا التوراة، فقرؤوها، فطار من بين أيديهم، والخاتم معه، ثم قذفه في البحر، فابتلعته سمكة، فوقعت في يد سليمان، فبَقَر بطنها، فإذا هو بالخاتم، فتختّم به، وخرّ ساجداً لله، وعاد إليه مُلكه، وقبض الجني " صخر " فجعله في وسط صخرة، وشدّ عليه بأخرى، ثم أوثقهما بالحديد والرصاص، وقذفه في البحر، فهو باق فيه. فالجسد على هذا عبارة عن " صخر " سمي به، وهو جسم لا روح فيه ؛ لأنه تمثيل بما لم يكن كذلك، والخطيئة : تغافُلُه عليه السلام عن حال أهله ؛ لأن اتخاذ التماثيل لم يكن محظوراً حينئذ، والسجود للصورة بغير علم منه لا يضره. وأنكر بعض المحققين هذه القصة. وقال : لا يصح ما نقله الإخباريون وأهل التفسير في هذا الموضع، من تشبُّه الشيطان بنبيه، وتسلُّطه على ملكه، وتصرُّفه في أمته والجور في حكمه.
قال القاضي عياض : الشياطين لا يتسلطون على مثل هذا، وقد عصم الله الأنبياء عن مثله. ومثله لابن العربي أيضاً. وحكى إنكاره عن السمرقندي. وقال الطيبي : أشبه الأقاويل في إلقاء الجسد هو شق الولد، كما تقدّم. وخالفه ابن حجر، فقال : قال غير واحد من المفسرين : أن المراد بالجسد المذكور شيطان، وهو المعتمد، فالله أعلم، غير أن التنزيه أسلم.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢١٩


الصفحة التالية
Icon