يقول الحق جلّ جلاله :﴿واذكر إِسماعيلَ﴾، فصل ترجمته عن أبيه وأخيه ؛ للإشعار بعلو شأنه، واستقلاله بالشرف والذكر، ولعراقته في الصبر، الذي هو المقصود بالتذكير، وهو أكبر بنيه. ﴿و﴾ اذكر ﴿الْيَسَعَ﴾ بن خطوب بن العجوز، استعمله إلياس على بني إسرائيل، ثم استنبىء. و " الـ " فيه، قيل : للتعريف، وأصله : يسع، وقيل : زائدة ؛ لأنه عجمي علَم، وقيل : هو يوشع، ﴿وذا الكفلِ﴾ وهو ابن عم اليسع، أو : بشر بن أيوب. واختلف في نبوته وسبب لقبه، فقيل : فرّ إليه مائة نبي من بني إسرائيل، خوفاً من القتل، فآواهم وكفلهم، وقيل : تكفل بعبادة رجل صالح كان في وقته. ﴿وكلٌّ﴾ أي : وكلهم ﴿مِّنَ الأخيارِ﴾ المشهورين بالخيرة.
الإشارة : إنما كان هؤلاء مصطفين أخياراً بالوفاء بالعهود، والوقوف مع الحدود، والصبر على طاعة الملك المعبود، وتحمُّل ما يقرب إلى حضرة الشهود. فكل مَن اتصف بهذه الخصال كان من المُصْطَفَين الأخيار.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٢٥
قلت :﴿جناتِ﴾ : عطف بيان لحُسن مآب، أو : بدل. و ﴿مفتَّحة﴾ : حال من ﴿جنات عدن﴾. والعامل فيها : الاستقرار في ﴿للمتقين﴾. و ﴿الأبواب﴾ : نائب الفاعل لمُفتَّحة. والرابط بين الحال وصاحبها : إما ضمير مقدّر، كما هو رأي البصريين، أي :
٢٢٦
الأبواب منها، أو : الألف واللام القائم مقامه، كما هو رأي الكوفيين، أي : أبوابها. و ﴿متكئين﴾ : حال من ضمير ﴿لهم﴾، والعامل فيه :﴿مفتحة﴾. و ﴿يَدْعُون﴾ : إما استئناف، أو : حال مما ذكر، أو : من ضمير ﴿متكئين﴾.