الإشارة : كل مَن توجه إلى الله بكليته، واتصف بمحاسن الأخلاق، كان له ذكر وشرف في الدنيا، وكرامة في العُقبى، بما لا عين رأت، ولا أُذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٢٦
قلت :(هذا) خبر، أي : الأمر هذا، أو : مبتدأ ؛ أي : هذا كما ذكر، وهو من الاقتضاب الذي يقرب من التخلص، كقوله بعد الحمد : أما بعد. قال السعد : هو من فصل الخطاب، الذي هو أحسن موقعاً من التخلُّص. قال : وقد يكون الخبر مذكوراً كقوله :﴿هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ...﴾ [ص : ٤٩] هـ. قال الطيبي : هو من فصل الخطاب، على التقدير الأول، لا الثاني. هـ. أي : إذا كان خبراً عن مضمر، لا ما إذا ذكر الخبر.
يقول الحق جلّ جلاله :﴿هذا﴾ أي : الأمر هذا، ﴿وإِنَّ للطاغين لشرَّ مآبٍ﴾ ؛ مرجع ﴿جهنَّمَ يصلونها﴾ ؛ يدخلونها، حال من جهنم، ﴿فبئس المِهادُ﴾ : الفراش، شبّه ما تحتهم من النار بالمهاد الذي يفرش للنائم، والمخصوص محذوف، أي : جهنم.
﴿هذا فليذوقوه﴾ أي : ليذوقوا هذا فليذوقوه، كقوله تعالى :﴿وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾ [البقرة : ٤٠] أو : العذاب هذا فليذوقوه، وهو ﴿حميمٌ وغسَّاق﴾... الخ، أو :﴿هذا﴾ : مبتدأ، و ﴿حميم وغساق﴾ : خبر، وما بينهما اعتراض، والغساق : ما يَغسَق، أي : يسيل من صديد أهل النار، يقال : غَسَقت العين ؛ إذا سال دمعها. وقيل : الحميم يحرق بحرّه، والغساق يحرق ببرده. قيل :" لو قطرت منه قطرة بالمشرق لأنتنت أهل المغرب، ولو قطرت بالمغرب لأنتنت أهل المشرق " وقيل : الغساق : عذاب لا يعلمه إلا الله. وهو بالتخفيف والتشديد، قرىء بهما.
﴿وآخَرُ﴾ أي : وعذاب آخر، أو : مذوق آخر، ﴿من شَكْلِه﴾ ؛ من مثل العذاب المذكور. وقرأ البصري :" أُخَرُ " بالجمع، أي : ومذوقات أُخَرُ من شكل هذا العذاب في الشدّة والفظاظة، ﴿أزواجٌ﴾ أي : أصناف، وهو خبر لأخر، أو : صفة له، أو : للثلاثة.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٢٧