﴿وقالوا﴾ أي : الرؤساء :﴿ما لنا لا نرى رجالاً﴾، يعنون : فقراء المسلمين، ﴿كنا نَعُدُّهُم﴾ في الدنيا ﴿من الأشرار﴾ ؛ من الأرذال الذين لا خير فيهم ولا جدوى، حيث كانوا يسترذلونهم ويسخرون منهم، ﴿أتَّخذناهم سِخْرِيّاً﴾، بهمزة الاستفهام، سقطت لأجلها همزة الوصل. والجملة : استئنافية، ومَن قرأ بالوصل فقط فالجملة : صفة ثانية لرجال، ﴿أم زاغتْ﴾ ؛ مالت ﴿عنهم الأبصارُ﴾، والمعنى على الاستفهام : أتخذناهم سخرياً وليسوا كذلك، فلم يدخلوا معنا النار فهم في الجنة، أم دخلوها معنا، ولكن مالت عنهم أبصارنا، فلا نراهم معنا ؟ وعلى الاستخبار : ما لنا لا نرى رجالاً معنا في النار، كانوا عندنا أشراراً، قد اتخذناهم سخرياً نسخر بهم، ثم أضربوا وقالوا : بل زاغت عنهم الأبصار، فلا نراهم فيها، وإن كانوا معنا، أو : زاغت أبصارنا، وكلَّت أفهامنا عنهم، حتى خفي علينا مقامهم، وأنهم على الحق ونحن على الباطل، وما تبعناهم. ومَن قرأ " سُخريا " بالضم ؛ فمن : التسخير والاستخدام. ومَن قرأ بالكسر، فمن : السخر، الذي هو الهزء. وجَوز في القاموس الضم والكسر فيهما معاً، فراجعه.
﴿
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٢٧
إِن ذلك﴾
الذي حكى من أحوالهم ﴿لَحَقٌّ﴾ لا بد من وقوعه ألْبتة، وهو ﴿تخاصمُ أهلِ النار﴾ فيها على ما تقدّم.
ولمّا شبَّه تفاوضهم، وما يجري بينهم من السؤال والجواب، بما يجري بين المتخاصمين، سمَّاه تخاصماً، وبأنَّ قول الرؤساء :﴿لا مرحباً﴾ وقول الأتباع :﴿بل أنتم لا مرحباً بكم﴾ من باب الخصومة لا محالة، فسمي التقاول كله تخاصماً ؛ لاشتماله على ذلك.


الصفحة التالية
Icon