الإشارة : كل مَن تعدى وطغى، ولم يتب، من المؤمنين، يرى شيئاً من أهوال الكفرة، فلا يدخل الجنة حتى يتخلص، وكل مَن سخر بالفقراء يسقط في الحضيض الأسفل، ويكون سكناه في أسفل الجنة، فيقول : ما لنا لا نرى معنا رجالاً كنا نَعُدُّهم من المبتدعة الأشرار، أتخذناهم سخرياً، وهم كُبراء عند الله، رُفعوا عنه، أم هم معنا ولكن زاغت عنهم الأبصار ؟ فيُجابون : بأنهم رُفعوا مع المقربين، كانوا مشتغلين بنا، وكنتم منهم تضحكون. إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون بالقُرب ومشاهدة طلعتنا، في كل حين، وبالله التوفيق.
٢٢٩
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٢٧
يقول الحق جلّ جلاله :﴿قُلْ﴾ يا محمد للمشركين :﴿إِنما أنا مُنذِر﴾ من جهته تعالى، أُنذركم عذابه، ﴿وما من إِلهٍ﴾ في الوجود ﴿إِلا اللهُ الواحدُ﴾ الذي لا يقبل الشركة أصلاً، ﴿القهَّارُ﴾ لكل شيء سواه، ﴿ربُّ السماواتِ والأرضِ وما بينهما﴾ من المخلوقات، فكيف يتوهم أن يكون له شريك منها، ﴿العزيزُ﴾ ؛ الذي لا يغلب ﴿الغفارُ﴾ ؛ المبالغ في المغفرة لمَن يشاء. وفي هذه النعوت من تقرير التوحيد، والوعد للموحِّدين، والوعيد للمشركين، ما لا يخفى. وتثنية ما يُشعر بالوعيد من وصف القهر والعزة وتقديمهما على وصف المغفرة ؛ لتقوية الإنذار.
﴿قل هو﴾ أي : ما نبأتكم به من كوني رسولاً، وأنَّ الله واحد لا شريك له، ﴿نبأٌ عظيمٌ﴾ ؛ وارد من جهته تعالى، لا يُعرِض عن مثله إلا غافل منهمك. ﴿أنتم عنه معرضون﴾ ؛ غافلون، وعن ابن عباس : النبأ العظيم : القرآن. وعن الحسن : يوم القيامة. وتكرير الأمر للإيذان بأن المقول أمرٌ جليل، له شأن خطير، لا بد من الاعتناء به، أمراً وائتماراً.


الصفحة التالية
Icon