﴿إِن يُوحَى إِليَّ أَنَّما أنا نذير مبينٌ﴾ أي : ما يُوحى إليَّ ما يوحى من الأمور الغيبية، التي من جملتها حال الملأ الأعلى، إلا لأنما أنا نذير مبين من جهته تعالى، فحذف اللام وانتصب بإيصال الفعل إليه، ويجوز أن يرتفع بالنيابة عن الفاعل، أي : ما يوحى إليّ إلا هذا، وهو أن أُنذر وأُبلّغ، ولا أُفرط في ذلك، أي : ما أومرَ إلا بهذا الأمر وحده، وليس إليَّ غير ذلك. وقرىء بكسر " إنما " على الحكاية، أي : إلا هذا القول، وهو : أن أقول لكم : إنما أنا نذير مبين، ولا أدّعي شيئاً آخر.
الإشارة : تربية اليقين تُطلب في ثلاثة أمور ؛ في توحيد الألوهية، بالتبري من الشرك الجلي والخفي. وهو مفاد قوله :﴿وما من إِله إِلا الله...﴾ الخ. وفي تصديق الواسطة، وهو النذير المبين، بتعظيمه واتباع سُنَّته ومنهاجه القويم، وفي التصديق بما جاء به، وهو النبأ العظيم، على أيّ تفسير كان، إما القرآن، باتباعه، والتدبُّر في معانيه، أو : يوم القيامة، بالتأهُّب له، وجعله نُصب العين. وبالله التوفيق.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٣٠
قلت :﴿إذ قال﴾ : متعلق بيختصمون، أو : بدل من ﴿إذ﴾ قبله، أو : باذكر. و " الحق " : فمن نصبه، فعلى حذف فعل القسم، كقولك : الله لأفعلن، أي : أقسم بالحق، فحذفت الباء ووصل الفعل به، ومن رفعه ؛ فمبتدأ، أي : الحقُّ مني، أو : خبر، أي : أنا الحق. والحق الثاني : مفعول " أقول "، والجملة : معترضة بين القسم وجوابه، وهو :﴿لأملأن﴾.
٢٣١