يقول الحق جلّ جلاله في تفسير الاختصام المذكور :﴿إِذ قال ربُّكَ للملائكة﴾ حين أراد خلق آدم، ﴿إِني خالق بشراً من طينٍ﴾، وقال :﴿إِنِّى جَاعِلٌ فِى الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا﴾ [البقرة : ٣٠]. والتعرُّض لعنوان الربوبية، مع الإضافة إلى ضميره ـ عليه الصلاة والسلام ـ لتشريفه ﷺ، والإيذان بأنَّ وحي هذا النبأ إليه تربية وتأييد له. والكاف وارد باعتبار حال الآمر، لكونه أدلّ على كونه وحياً منزلاً من عنده تعالى، كما في قوله تعالى :﴿... يَا عِبَادِىَ الَّذِينَ أَسْرَفُواْ...﴾ [الزمر : ٥٤] الخ، دون حال المأمور، وإلاَّ لقال : ربي ؛ لأنه داخل في حيز الأمر. ﴿فإِذا سوَّيتُه﴾ أي : صوَّرْتُه بالصورة الإنسانية، والخلقة البشرية، أو : سويت أجزاء بدنه، بتعديل أعضائه، ﴿ونَفَخْتُ فيه من روحي﴾ الذي خلقته قبلُ، وأضافه إليه تخصيصاً، كبيت الله، وناقة الله. والروح سر من أسرار الله، لطيفة ربانية، سارية في كثيفة ظلمانية، فإذا سرت فيه حيى بإذن الله، أي : فإذا أحييته ﴿فَقَعُوا﴾ أي : اسقطوا ﴿له﴾، وهو أمر، مِن وقع، ﴿ساجدين﴾ قيل : كان انحناء يدلّ على التواضع، وقيل : كان سجوداً لله، أو سجود تحية لآدم وتكريماً له.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٣١


الصفحة التالية
Icon