﴿قال﴾ تعالى :﴿فالحقّ والحقَّ أقولُ﴾ أي : أقسم بالحق ولا أقول إلا الحق، أو : الحق قسَمي وأقول الحق :﴿لأملأَنَّ جهنمَ منك﴾ ؛ من جنسك، وهم الشياطين، ﴿وممن تَبِعَكَ منهم﴾ ؛ من ذرية آدم ﴿أجمعين﴾ أي : لأعمرنَّ جهنم من المتبوعين والتابعين أجمعين، لا أترك منهم أحداً.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٣١
الإشارة : التجلي بهذا الهيكل الآدمي فاق جميع التجليات، وصورته البديعة فاقت جميع الصور، ولذلك لم يقل الحق تعالى في شيء أنه خلقه في أحسن تقويم إلا الآدمي، وذلك لأنه اجتمع فيه الضدان، واعتدل فيه الأمران ؛ الظلمة والنور، الحس والمعنى، الروحانية والبشرية، القدرة والحكمة. ولذلك قال تعالى فيه :﴿لِما خلقت بيدي﴾، ولم يقله في غيره، أي : خلقته بيد القدرة ويد الحكمة. فالقدرة كناية عما في باطنه من أسرار المعاني الإلهية، والحكمة عبارة عما في قالَبه من عجائب التصوير، وغرائب التركيب، ولذلك كانت معرفته أتم، وترقِّيه لا ينقطع، إن كان من أهله، وراجع ما تقدّم في قوله تعالى :﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى ءَادَمَ﴾ [الإسراء : ٧٠].
وقال القشيري بعد كلام : فسبحان الله! خلق أعَزَّ خَلْقِه من أذّلِّ شيءٍ وأَخَسِّه. ثم قال : ما أودع عند آدم لم يوجد عند غيره، فيه ظهرت الخصوصية. هـ.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٣١
يقول الحق جلّ جلاله :﴿قل ما أسألُكُم﴾ على تبليغ الوحي أو على القرآن ﴿من أجْرٍ﴾ دنيوي، حتى يثقل عليكم، ﴿وما أنا من المتكلِّفين﴾ أي : المتصنِّعين بما ليسوا من أهله، وما عرفتموني قط متصنعاً حتى أنتحل النبوة، أو أتقوّل القرآن، وعنه ﷺ :" للمتكلف ثلاث علامات : ينازع من فوقه، ويتعاطى ما لا ينال، ويقول ما لا يعلم ". ﴿إِن هو﴾ : ما هو ﴿إِلا ذِكْرٌ﴾ : وعظ من الله عزّ وجل ﴿للعالَمين﴾ ؛ الثقلين كافة،
٢٣٤


الصفحة التالية
Icon