سورة الزمر
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٣٥
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ إِنَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينِ أَلاَ لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ...﴾.قلت :﴿تنزيل﴾ خبر، أي : هذا تنزيل، و ﴿من الله﴾ : صلة لتنزيل، أو : خبر ثان، أو : حال من التنزيل، عاملها : معنى الإشارة.
يقول الحق جلّ جلاله : هذا الذي تتلوه هو ﴿تنزيلُ الكتاب﴾، نزل ﴿من﴾ عند ﴿الله العزيزِ﴾ في سلطانه ﴿الحكيم﴾ في تدبيره. وإيثار الوصفين للإيذان بجريان أثريهما في الكتاب، بجريان أحكامه ونفوذ أوامره ونواهيه. ﴿إِنا أنزلنا إِليك الكتاب بالحق﴾ : ليس بتكرُّر ؛ لأن الأول كالعنوان للكتاب، والثاني لبيان ما في الكتاب. قال أبو السعود : والمراد بالكتاب : القرآن، وإظهاره على تقدير كونه هو المراد بالأول ؛ لتعظيمه ومزيد الاعتناء بشأنه. والباء إما متعلقة بالإنزال، أي : بسبب الحق وإظهاره، أو : بداعيته واقتضائه، وإما بمحذوف هو حال من نون العظمة، أو : من الكتاب، أي : أنزلناه إليه محقين في ذلك، أو : ملتبساً بالحق والصواب، أي : ما فيه حق لا ريب فيه موجب العمل به حتماً. قال القشيري : بالحق، أي : بالدين الحق والشرع الحق، وأنا مُحِق في إنزاله.
﴿فاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً له الدينَ﴾ أي : فاعبده تعالى مخلصاً دينه من شوائب الشرك والرياء، حسبما بُيِّن في تضاعيف ما أنزل إليه. ﴿ألاَ للهِ الدينُ الخالِصُ﴾ أي : هو الذي وجب اختصاصه بأن تخلص له الطاعة من كل شائبة ؛ لأنه المنفرد بصفات الألوهية، التي من جملتها : الاطلاع على السرائر والضمائر.
٢٣٦
الإشارة : قال القشيري : كتابٌ عزيزٌ، نزل من ربٍّ عزيز، على عبدٍ عزيز، بلسان مَلَكٍ عزيز، في شأنِ أمةٍ عزيزة، بأمرٍ عزيز. وأنشدوا :
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٣٦
ورَدَ الرسولُ من الحبيب الأوَّلِ
بعد البلاء، وبعد طُول الأمل