﴿... وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى اللَّهِ زُلْفَىا إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ لَّوْ أَرَادَ اللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً لاَّصْطَفَىا مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾.
قلت :﴿والذين﴾ : مبتدأ، و ﴿ما نعبدهم﴾ : محكي بقول محذوف، حال من واو
٢٣٧
" اتخذوا " وجملة " إن الله " : خبر، والاستثناء مفرغ من أعم العلل، و " زلفى " : مصدر.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٣٦
يقول الحق جلّ جلاله :﴿والذين اتخذوا من دونه أولياء﴾ أي : لم يخلصوا في عبادتهم، بل شاوبُوها بعبادة غيره، كالأصنام، والملائكة، وعيسى، قائلين :﴿ما نعبدهم﴾ لشيء من الأشياء ﴿إِلا لِيُقَربُونا إِلى الله زُلفى﴾ أي : تقريباً، ﴿إِن الله يحكم بينهم﴾ وبين خصمائهم، الذين هم المخلصون للدين، وقد حذف لدلالة الحال عليه، كقوله :﴿لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ﴾ [البقرة : ٢٨٥] على أحد الوجهين، أي : بين أحد منهم وبين غيره. قيل : كان المسلمون إذا قالوا للمشركين : مَن خلق السماوات والأرض ؟ قالوا : الله، فإذا قالوا لهم : فما لكم تعبدون الأصنام ؟ قالوا : ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى.
﴿إِن الله يحكُم﴾ يوم القيامة بين المتنازعين من المسلمين والمشركين ﴿فيما هم فيه يَختلِفُون﴾ من التوحيد والإشراك، وادعاء كل واحد صحة ما انتحله. وحكمُه تعالى هو إدخال الموحدين الجنة والمشركين النار. وقيل : الموصول واقع على الأصنام، والعائد محذوف، أي : والذين اتخذوهم من دونه أولياء، قائلين : ما نعبدهم... الخ، إن الله يحكم بينهم، أي : بين العبَدة والمعبودين فيما هم فيه يختلفون، حيث يرجون منها شفاعتها وهي تلعنهم، وهذا بعيد.