قال ابن عطية : خوَّله، أي : ملَّكه، وحكمه فيها ابتداء من الله، لا مجازاة، ولا يقال في الجزاء : خوّل. هـ. أو : من الخوَل، وهو الافتخار، أي : جعله يخول، أي : يختال ويفتخر بنعمه. ﴿نَسِيَ ما كان يدعو إِليه من قَبْلُ﴾ أي : نسيَ الضر الذي كان يدعو الله تعالى كشفه من قبل التخويل، أو : نسي ربه الذي كان يدعو ويتضرّع إليه، على أن ﴿ما﴾ بمعنى ﴿من﴾، كقوله تعالى :﴿وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنثَى﴾ [الليل : ٣]، أو : إيذاناً بأن نِسْيانَه بلغ به إلى حيث لا يعرف ما يدعوه، وهو كقوله تعالى :﴿عَمَّآ أَرْضَعَتْ﴾ [الحج : ٢].
﴿وجعل لله أنداداً﴾ : شركاء في العبادة ؛ ﴿ليُضل﴾ بذلك ﴿عن سبيله﴾ الذي هو التوحيد، أي : ليُضل غيره، أو : ليزاد ضلالاً، أو : يثبت عليه، على القراءتين، وإلا ؛ فأصل الضلال غير متأخر عن الجعل المذكور. واللام للعاقبة، كما في قوله :﴿فَالْتَقَطَهُ ءَالُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً﴾ [القصص : ٨] غير أن هذا أقرب للحقيقة ؛ لأن الجاعل هنا قاصد بجعله المذكور حقيقة الإضلال والضلال، وإن لم يعرف ؛ لجهله أنهما إضلال وضلال، وأما آل فرعون فهم غير قاصدين بالتقاطهم العداوة أصلاً. قاله أبو السعود.
﴿قُلْ تَمتعْ بكفرك قليلاً﴾ أي : تمتعاً قليلاً، أو : زماناً قليلاً في الدنيا، وهو تهديد لذلك الضال المضل، وبيان لحاله ومآله. ﴿إِنك من أصحاب النار﴾ أي : من ملازميها،
٢٤٣
والمعذَّبين فيها على الدوام، وهو تعليل لقلة التمتُّع. وفيه من الإقناط من النجاة ما لا يخفى، كأنه قيل : إذا أبيتَ قبول ما أمرت به من الإيمان والطاعة، فمن حقك أن تؤمَر بتركه لتذوق عقوبته.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٤٣


الصفحة التالية
Icon